الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الفصل في الملل والنحل **
ودفع الزكاة إليه ونفاذ أحكامه من الأقضية والحدود وغير ذلك قال أبو محمد: ذهبت طائفة إلى أنه لا يجوز الصلاة إلا خلف الفاضل وهو قول الخوارج والزيدية والروافض وجمهور المعتزلة وبعض أهل السنة و قال آخرون إلا الجمعة والعيدين وهو قول لعض أهل السنة وذهبت طائفة الصحابة كلهم دون خلاف من أحد منهم وجميع فقهاء التابعين كلهم دون خلاف من أحد منهم وأكثر من بعدهم وجمهور أصحاب الحديثوهو قول أحمد والشافعي وأبي حنيفة وداود وغيرهم إلى جواز الصلاة خلف الفاسق الجمعة وغيرها وبهذا نقول وخلاف هذا القول بدعة محدثة فما تأخر قط أحد من الصحابة الذين أدركوا المختار بن عبيد والحجاج وعبيد الله بن زياد وحبيش بن دلجة وغيرهم عن الصلاة خلفهم وهؤلاء أفسق الفساق وأما المختار فكان متهما في دينه مظنوناً به الكفر. قال أبو محمد: احتج من يقول بمنع الصلاة خلفهم بقول الله تعالى " قال أبو محمد: في قال لهم كل فاسق إذا نوى بصلاته رحمة الله تعالى فهو في ذلك من المتقين فصلاته متقبلة ولو لم يكن من المتقين إلا من لا ذنب له ما استحق أحد هذا الاسم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل " قال أبو محمد: وهذا غاية الفساد لأنه قول بلا دليل بل البرهان يبطله لقوله تعالى " قال أبو محمد: وأيضاً فإن الفسق منزلة نقص عمن هو أفضل منه والذي لا شك فيه أن النسبة بين أفجر فاجر من المسلمين وبين أفضل الصحابة رضي الله عنهم أقرب من النسبة بين أفضل الصحابة رضي الله عنهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وما عرى أحد من تعمد ذنب وتقصير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما تفاضل المسلمون في كثرة الذنوب وقلتها وفي اجتناب الكبائر ومواقعتها وأما الصغائر فما نجا منها أحد بعد الأنبياء عليهم السلام وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر وعبد الرحمن بن عوف وبهذا صح أن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن استووا فأفقههم ندب لا فرض فليس لفاضل بعد هذا أن يمتنع من الصلاة خلف من هو دونه في القصوى من الغايات. قال أبو محمد: وأما دفع الزكاة إلى الإمام فإن كان الإمام القرشي الفاضل أو الفاسق لم ينازعه فاضل فهي جارية لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ارضوا مصديقكم ولا يكون مصدقاً كل من سمى نفسه مصدقاً لكن من قام البرهان بأنه مصدق بإرسال الإمام الواجبة طاعته له وإما من سألها من هو غير الإمام المذكور أو غير مصدقه فهو عابر سبيل لا حق له في قبضها فلا يجزي دفعها إليه لأنه دفعها إلى غير من أمر بدفعها إليه وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد وهكذا القول في الأحكام كلها من الحدود وغيرها إن أقامها الإمام الواجبة طاعته والذي لا بد منه فإن وافقت القرآن والسنة نفذت وإلا فهي مردودة لما ذكرنا وإن أقامها غير الإمام أو واليه فهي كلها مردودة ولا يحتسب بها لأنه أقامها من لم يؤمر بإقامتها فإن لم يقدر عليها الإمام فكل من قام بشيء من الحق حينئذ نفذ لأمر الله تعالى لنا بأن نكون قوامين بالقسط ولا خلاف بين أحد من الأمة إذ كان الإمام حاضراً متمكناً أو أميره أو واليه فإن من بادر إلى تنفيذ حكم هوالي الإمام فإنه إما مظلمة ترد وإما عزل لا ينفذ على هذا جرى عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وجميع عماله في البلاد بنقل جميع المسلمين عصراً بعد عصر ثم عمل جميع الصحابة رضي الله عنهم وأما الجهاد فهو واجب مع كل إمام وكل متغلب وكل باغ وكل محارب من المسلمين لأنه تعاون على البر والتقوى وفرض على كل أحد الدعا إلى الله تعالى وإلى دين الإسلام ومنع المسلمين ممن أرادهم قال تعالى "
من أقوال أهل البدع المعتزلة والخوارج والمرجئية والشيع قال أبو محمد: قد كتبنا في ديواننا هذا من فضايح الملل المخالفة لدين الإسلام الذي في كتبهم من اليهود والنصارى والمجوس ما لا بقية لهم بعدها ولا يمتري أحد وقف عليها إنهم في ضلال وباطل ونكتب إن شاء الله تعالى على هذه الفرق الأربعة من فواحش أقوالهم ما لا يخفى على أحد قراه أنهم في ضلال وباطل ليكون ذلك زاجراً لمن أراد الله توفيقه عن مضامتهم أو التمادي فيهم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وليعلم من قرأ كتابنا هذا أننا لا نستحل ما يستحله من لا خير فيه من تقويل أحد ما لم يقله نصاً وإن آل قوله إليه إذ قد لا يلزم ما ينتجه قوله فيتناقض فاعلموا أن تقويل القائل كافراً كان أو مبتدعاً أو مخطئاً ما لا يقوله نصاً كذب عليه ولا يحل الكذب على أحد لكن ربما دلسوا المعنى الفاحش بلفظ ملتبس ليسهلوه على أهل الجهل ويحسن النظر بهم من أتباعهم وليبعد فهم تلك العظيمة على العامة من مخالفتهم كقول طوائف من أهل البدعة والضلالة لا يوصف الله تعالى بالقدرة على المحال ولا على الظلم ولا على الكذب ولا على غير ما علم أنه يكون فأخفوا أعظم الكفر في هذه القضية لما ذكرنا من تأنيس الأغمار من أتباعهم وتسكين الدهما من مخالفيهم فراراً عن كشف معتقدهم صراحاً الذي هو أنه تعالى لا يقدر على الظلم ولا له قوة على الكذب ولا به طاقة على المحال ولا بد لنا من إيضاح ما موهوه هكذا وإيراده بأظهر عباراته كشفاً لتمويههم وتقرباً إلى الله تعالى بهتك أستارهم وكشف أسرارهم وحسبنا الله ونعم الوكيل.
قال أبو محمد: أهل الشنع من هذه الفرقة ثلاث طوايف أولها الجارودية من الزيدية ثم الإمامية من الرافضة ثم الغالية فأما الجارودية فإن طائفة منهم قال ت أن محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسين ابن علي بن أبي طالب القائم بالمدينة علي ابن جعفر المنصور فوجه إليه المنصور عيسى بن موسى بن محمد ابن علي بن عبد الله بن العباس فقتل محمد بن عبد الله بن الحسن رحمه الله ف قال ت هذه الطائفة أن محمداً المذكور حي لم يقتل ولا مات ولا يموت حتى يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً و قال ت طائفة أخرى منهم أنه يحيى بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب القايم بالكوفة أيام المستعين فوجه إليه محمد بن عبد الله بن طاهر بن الحسين بأمر المستعين ابن عمة الحسن بن إسماعيل ابن الحسين وهو ابن أخي طاهر بن الحسين فقتل يحيى بن عمر رحمه الله ف قال ت الطائفة المذكورة أن يحيى بن عمر هذا حي لم يقتل ولا مات ولا يموت حتى يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً و قال ت طائفة منهم أن محمد بن القاسم بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب القايم بالطالقان أيام المعتصم حي لم يمت ولا قتل ولا يموت حتى يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً و قال ت الكيسايية وهم أصحاب المختار بن أبي عبيد وهم عندنا شعبة من الزيدية في سبيلهم أن محمد بن علي بن أبي طالب وهو ابن الحنفية حي بجبال رضوي عن يمينه أسد وعن يساره نمر تحدثه الملائكة يأتيه رزقه غدواً وعشياً لم يمت ولا يموت حتى يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً و قال بعض الروافض الإمامية وهي الفرقة التي تدعي الممطورة أن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب حي لم يمت ولا يموت حتى يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً و قال ت طائفة منهم وهم الناووسية أصحاب ناوس المصري مثل ذلك في أبيه جعفر بن محمد و قال ت طائفة منهم مثل ذلك في أخيه إسماعيل بن جعفر و قال ت السبابية أصحاب عبد الله بن سبا الحميري اليهودي مثل ذلك في علي بن أبي طالب رضي الله عنه وزادوا أنه في السحاب فليت شعري في أي سحابة هو من السحاب والسحاب كثير في أقطار الهواء مسخر بين السماء والأرض كما قال الله تعالى و قال عبد الله بن سبا إذ بلغه قتل علي رضي الله عنه لو أتيتمونا بدماغه سبعين مرة ما صدقنا موته ولا يموت حتى يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً و قال بعض الكيسانية بأن أبا مسلم السراج حي لم يمت وسيظهر ولا بد و قال بعض الكيسانية بأنه عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب حي بجبال أصبهان إلى اليوم ولا بد له من أن يظهر وعبد الله هذا هو القائم بفارس أيام مروان بن محمد وقتله أبو مسلم بعد أن سجنه دهراً وكان عبد الله هذا ردي الدين معطلاً مستصحباً للدهرية. قال أبو محمد: فصار هؤلاء في سبيل اليهود القائلين بأن ملكصيدق بن عامر بن ارفخشد بن سام ابن نوح والعبد الذي وجهه إبراهيم عليه السلام ليخطب ريقا بنت بنؤال بن ناخور بن تارخ علي إسحاق ابنه عليه السلام والياس عليه السلام وفنحاس بن العازار بن هارون عليه السلام أحياء إلى اليوم وسلك هذا السبيل بعض تركي الصوفية فزعموا أن الخضر والياس عليهما السلام حيان إلى اليوم وادعى بعضهم أنه يلقي الياس في الفلوات والخضر في المروج والرياض وأنه متى ذكر حضر على ذاكره. قال أبو محمد: فإن ذكر في شرق الأرض وغربها وشمالها وجنوبها وفي ألف موضع في دقيقة واحدة كيف يصنع ولقد لقينا من يذهب إلى هذا خلقاً وكلمناهم منهم المعروف بابن شق الليل المحدث بطلبيره وهو مع ذلك من أهل العناية وسعة الرواية ومنهم محمد بن عبد الله الكاتب وأخبرني أنه جالس الخضر وكلمه مراراً وغيره كثير هذا مع سماعهم قول الله تعالى " قال أبو محمد: القول بأن بين اللوحين تبديلاً كفر صحيح وتكذيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم و قال ت طائفة من الكيسانية بتناسخ الأرواح وبهذا يقول السيد الحمري الشاعر لعنه الله ويبلغ الأمر بمن يذهب إلى هذا إلى أن يأخذ أحدهم البغل أو الحمار فيعذبه ويضربه ويعطشه ويجيعه على أن روح أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فيه فأعجبوا لهذا الحمق الذي لا نظير له وما الذي خص هذا البغل الشقي أو الحمار المسكين بنقله الروح إليه دون سائر البغال والحمير وكذلك يفعلون بالعنز على أن روح أم المؤمنين رضي الله عنها فيها وجمهور متكلميهم كهشام ابن الحكم الكوفي وتلميذه أبي علي الصكاك وغيرهما يقول أن علم الله تعالى محدث وأنه لم يكن يعلم شيئاً حتى أحدث لنفسه علماًوهذا كفر صريح وقد قال هشام هذا في حين مناظرته لأبي الهذيل العلاف أن ربه سبعة أشبار بشبر نفسه وهذا كفر صحيح وكان داود الجوازي من كبار متكلميهم يزعم أن ربه لحم ودم على صورة الإنسان ولا يختلفون في أن الشمس ردت على علي بن أبي طالب مرتين أفيكون في صفاقة الوجه وصلابة الخد وعدم الحياء والجرأة على الكذب أكثر من هذا على قرب العهد وكثرة الخلق وطائفة منهم تقول أن الله تعالى يريد الشيء ويعزم عليه ثم يبدو له فلا يفعله وهذا مشهور للكيسانية ومن الإمامية من يجيز نكاح تسع نسوة ومنهم من يحرم الكرنب لأنه إنما نبت على دم الحسين ولم يكن قبل ذلك وهذا في قلة الحياء قريب مما قبله وكما يزعم كثير منهم أن علياً لم يكن له سمى قبله وهذا جهل عظيم بل كان في العرب كثير يسمون هذا الاسم كعلي بن بكر بن وايل إليه يرجع كل بكري في العالم في نسبه وفي الأزد علي وفي بجيله علي وعيرها كل ذلك في الجاهلي مشهور وأقرب من ذلك عامر بن الطفيل يكني أبا علي ومجاهراتهم أكثر مما ذكرنا ومنهم طائفة تقول بفناء الجنة والنار وفي الكيسانية من يقول أن الدنيا لا تفنى أبداً ومنهم طائفة تسمى النحيلة نسبوا إلى الحسن بن علي بن ورصند النحلي كان من أهل نفطة من عمل قفصة وقسطيلية من كور أفريقية ثم نهض هذا الكافر إلى السوس في أقاصي بلاد المصامدة فأضلهم وأضل أمير السوس أحمد بن إدريس بن يحيى بن إدريس ابن عبد الله بن الحسين بن الحسن بن علي بن أبي طالب فهم هنالك كثير سكان في ربض مدينة السوس معلنون بكفرهم وصلاتهم خلاف صلاة المسلمين لا يأكلون شيئاً من الثمار زبل أصله ويقولون أن الإمامة في ولد الحسن دون ولد الحسين ومنهم أصحاب أبي كامل ومن قولهم أن جميع الصحابة رضي الله عنهم كفروا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم إذ جحدوا إمامة علي وأن علياً كفر إذا سلم الأمر إلى أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم قال جمهورهم أن علياً ومن ابتعه رجعوا إلى الإسلام إذ دعى إلى نفسه قتل عثمان وإذ كشف وجهه وسل سيفه وأنه وإياهم كانوا قبل ذلك مرتدين عن الإسلام كفاراً مشركين ومنهم من يرد الذنب في ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم إذ لم يبين الأمر بياناً رافعاً للأشكال. قال أبو محمد: وكل هذا كفر صريح لا خفاء به فهذه مذاهب الإمامية وهي المتوسطة في الغوة من فرق الشيعة وأما الغالية من الشيعة فهم قسمان قسم أوجبت النبوة بعد النبي صلى الله عليه وسلم لغيره والقسم الثاني أوجبوا الإلهية لغير الله عز وجل فلحقوا بالنصارى واليهود وكفروا أشنع الكفر فالطائفة التي أوجبت النبوة بعد النبي صلى الله عليه وسلم فرق منهم الغرابية وقولهم أن محمداً صلى الله عليه وسلم كان أشبه بعلي من الغراب بالغراب وأن الله عز وجل بعث جبريل عليه السلام بالوحي إلى علي فغلط جبريل بمحمد ولا لوم على جبريل في ذلك لأنه غلط و قال ت طائفة منهم بل تعمد ذلك جبريل وكفروه ولعنوه لعنهم الله. قال أبو محمد: فهل سمع بأضعف عقولاً وأتم رقاعة من قوم يقولون أن محمداً صلى الله عليه وسلم كان يشبه علي بن أبي طالب فيا للناس أين يقع شبه ابن أربعين سنة من صبي ابن إحدى عشرة سنة حتى يغلط به جبريل عليه السلام ثم محمد عليه السلام فوق الربعة إلى الطول قويم القناة كث اللحية ادلج العينين ممتلي الساقي صلى الله عليه وسلم قليل شعر الجسد أفرع وعلي دون الرعبة إلى القصر منكب شديد الانكباب كأنه كسر ثم جبر عظيم اللحية قد ملئت صدره من منكب إلى منكب إذ التحي ثقيل العينين دقيق الساقين أصلع عظيم الصلع ليس في رأسه شعر إلا في مؤخره يسير كثير شعر اللحية فأعجبوا لحمق هذه الطبقة ثم لو جاز أن يغلط جبريل وحاشا لروح القدس الأمين كيف غفل الله عز وجل عن تقويمه وتنبيهه وتركه على غلطه ثلاثاً وعشرين سنة ثم أظرف من هذا كله من أخبرهم بهذا الخبر ومن خفرهم بهذه الخرافة وهذا لا يعرفه إلا من شاهد أمر الله تعالى لجبريل عليه السلام ثم شاهد خلافه فعلى هؤلاء لعنة الله ولعنة اللاعنين ولعنة الناس أجمعين ما دام لله في عالمه خلق وفرقة قال ت بنبوة علي وفرقة قال ت بأن علي بن أبي طالب والحسن والحسين رضي الله عنهم وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بم محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي والحسن بن محمد والمنتظر بن الحسن أنبياء كلهم وفرقة قال ت بنبوة محمد بن إسماعيل بن جعفر فقط وهم طائفة من القرامطة وفرقة قال ت بنبوة علي وبنيه الثلاثة الحسن والحسين ومحمد بن الحنفية فقط وهم طائفة من الكيسانية وقد حام المختار حول أن يدعي النبوة لنفسه وسجع اسجاعاً وأنذر بالغيوب عن الله وأتبعه على ذلك طوائف من الشيعة الملعونة و قال بإمامة محمد بن الحنفية وفرقة قال ت بنبوة المغيرة بن سعيد مولى بجيلة بالكوفة وهو الذي أحرقه خالد بن عبد الله القسري بالنار وكان لعنه الله يقول أن معبوده صورة رجل على رأسه تاج وأن أعضاءه على عدد حرف الهجا الألف للساقين ونحو ذلك مما لا ينطلق لسان ذي شعبة من دين به تعالى الله عما يقول الكافرون علواً كبيراً وكان لعنه الله يقول أن معبوده لما أراد أن يخلق الخلق تكلم باسمه الأكبر فوقع على تاجه ثم كتب بإصبعه أعمال العباد من المعاصي والطاعات فلما رأى المعاصي أرفض به عرقاً فاجتمع من عرقه بحران أحدهما ملح مظلم والثاني نير عذب ثم اطلع في البحر فرأى ظلمة فذهب ليأخذه فطار فأخذه فقلع عيني ذلك الظل ومحقه فخلق من عينيه الشمس وشمساً أخرى وخلق الكفار من البحر المالح وخلق المؤمنين من البحر العذب في تخليط لهم كثير وكان مما يقول أن الأنبياء لم يختلفوا قط في شيء من الشرايع وقد قيل أن جابر بن يزيد الجعفي الذي يروي عن الشعبي كان خليفة المغيرة ابن سعيد إذ حرقه خالد بن عبد الله القسري فلما مات جابر خلفه بكر الأعور الهجري فلما مات فوضوا أمرهم إلى عبد الله بن المغيرة رئيسهم المذكور وكان لهم عدد ضخم بالكوفة وآخر ما وقف عليه المغيرة ابن سعيد القول بإمامة محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسين وتحريم ماء الفرات وكل ماء نهر أو عين أو بئر وقعت فيه نجاسة فبرئت منه عند ذلك القائلون بالإمامة في ولد الحسين وفرقة قال ت بنبوة بيان بن سمعان التميمي صلبه وأحرقه خالد بن عبد القسري مع المغيرة بن سعيد في يوم واحد وجبن المغيرة بن سعيد عن اعتناق حزمة الحطب جبناً شديداً حتى ضم إليها قهراً وبادر بيان بن سمعان إلى الحزمة فاعتنقها من غير إكراه ولم يظهر منه جزع ف قال خالد لأصحابهما في كل شيء أنتم مجانين هذا كان ينبغي أن يكون رئيسكم لا هذا الفسل وكان بيان لعنه الله يقول أن الله تعالى يفنى كله حاشا وجهه فقط وظن المجنون أنه تعلق في كفره هذا بقول الله تعالى "
ذكر بعض من جمع م قال ات المنتمين إلى الإسلام أن فرقة من الأباضية رئيسهم رجل يدعى زيد بن أبي أبيسه وهو غير المحدث المشهور كان يقول أن في هذه الأمة شاهدين عليها هو أحدهما والآخر لا يدري من هو ولا متى هو ولا يدري لعله قد كان قبله وإن من كان من اليهود والنصارى يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله إلى العرب لا إلينا كما تقول العيسوية من اليهود قال فإنهم مؤمنون أولياء الله تعالى وإن ماتوا على هذا العقد وعلى التزام شرائع اليهود والنصارى وإن دين الإسلام سيسنخ بنبي من العجم يأتي بدين الصابئين وبقرآن آخر ينزل عليه جملة واحدة. قال أبو محمد إلا أن جميع الأباضية يكفرون من قال بشيء من هذه الم قال ات ويبرؤون منه ويستحلون دمه وماله و قال ت طائفة من أصحاب الحرث الأباضي أن من زنا أو سرق أو قذف فإنه يقام عليه الحد ثم يستتاب مما فعل فإن تاب ترك وإن أبى التوبة قتل على الردة. قال أبو محمد: وشاهدنا الأباضية عندنا بالأندلس يحرمون طعام أهل الكتب ويحرمون أكل قضيب التيس والثور والكبش ويوجبون القضاء على من نام نهاراً في رمضان فاحتلم ويتيممون وهم على الآبار التي يشربون منها إلا قليلاً منهم و قال أبو إسماعيل البطيحي وأصحابه وهم من الخوارج أن لا صلاة واجبة إلا ركعة واحدة بالغداة وركعة أخرى بالعشي فقط ويرون الحج في جميع شهور السنة ويحرمون أكل السمك حتى يذبح ولا يرون أخذ الجزية من المجوس ويكفرون من خطب في الفطرة والأضحى ويقولون أن أهل النار في النار في لذة ونعيم وأهل الجنة كذلك. قال أبو محمد: وأصل أبي إسماعيل هذا من الأزارقة إلا أنه علي عن سائر الأزارقة وزاد عليهم و قال ت سائر الأزارقة وهم أصحاب نافع بن الأزرق بإبطال رجم من زنى وهو محصن وقطعوا يد السارق من المنكب وأوجبوا على الحائض الصلاة والصيام في حيضها و قال بعضهم لا ولكن تقضي الصلاة إذا ظهرت كما تقتضي الصيام وأباحوا دم الأطفال ممن لم يكن في عسكرهم وقتل النساء أيضاً ممن ليس في عسكرهم وبرئت الأزارقة ممن قعد هن الخروج لضعف أو غيره وكفروا من خالف هذا القول بعد موت أول من قال به منهم ولم يكفروا من خالفه فيه في حياته و قال وا باستعراض كل من لقوه من غير أهل عسكرهم ويقتلونه إذا قال أنا مسلم ويحرمون قتل من انتمى إلى اليهود أو النصارى أو إلى المجوس وبهذا شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمروق من الدين كما يمرق السهم من الرميه إذ قال عليه السلام أنهم يقتلون أهل الإسلام ويتركون أهل الأوثان وهذا من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم إذ أنذر بذلك وهو من جزئيات الغيب فخرج نصاً كما قال. قال أبو محمد: وقد بادت الأزارقة إنما كانوا هل عسكر واحد أو لهم نافع بن الأزرق وآخرهم عبدة بن هلال العسكري واتصل أمرهم بضعاً وعشرين سنة إلا أني أشك في صبيح مولى سوار بن الأسعر المازني مازن تميم أخرج برأي الأزارقة أيام هشام بن عبد الملك أم برأي الصفرية لأن أمره لم يطل أسر أثر خروجه وقتل و قال ت النجدات وهم أصحاب نجدة بن عويم الحنفي ليس على الناس أن يتخذوا إماماً إنما عليهم أن يتعاطوا الحق بينهم و قال وا من ضعف عن الهجرة إلى عسكرهم فهو منافق واستحلوا دم القعدة وأموالهم و قال وا من كذب كذبة صغيرة أو عمل عملاً صغيراً فأصر على ذلك فهو كافر مشرك وكذلك أيضاً في الكبائر وأن من عمل من الكبائر غير مصر عليها فهو مسلم و قال وا جائز أن يعذب الله المؤمنين بذنوبهم لكن في غير النار وأما النار فلا و قال وا أصحاب الكبائر منهم ليسوا كفاراً وأصحاب الكبائر من غيرهم كفار وقد بادت النجدات و قال ت طائفة من الصفرية بوجوب قتل كل من أمكن قتله من مؤمن عندهم أو كافر وكانوا يؤلون الحق بالباطل وقد بادت هذه الطائفة و قال ت الميمونية وهم فرقة من العجاردة فرقة من الصفرية بإجازة نكاح بنات البنات وبنات البنين وبنات بني الأخوة والأخوات وذكر ذلك عنهم الحسين بن علي الكراسي وهو أحد الأئمة في الدين والحديث ولم يبق اليوم من فرق الخوارج إلا الإباضية والصفرية فقط و قال ت طائفة من أصحاب البهيسية وهم أصحاب أبي بيهس وهم من فرق الصفرية إن كان صاحب كبيرة فيها حد فإنه لا يكفر حتى يرفع إلى الإمام فإذا أقام عليه الحد فحينئذ يكفر و قال ت الرشيدية وهم من فرق الثعالبة والثعالبة من فرق الصفرية أن الواجب في الزكاة نصف العشر مما سقي بالأنهار والعيون و قال ت العونية وهم طائفة من البيهسية التي ذكرنا آنفاً أن الإمام إذا قضي قضية جور وهو بخراسان أو بغيرها حيث كان من البلد ففي ذلك الحين نفسه يكفر هو وجميع رعيته حيث كانوا من شرق الأرض وغربها ولو بالأندلس واليمن فما بين ذلك من البلاد و قال وا أيضاً لو وقعت قطرة خمر ف يجب ماء بفلاة من الأرض فإن كل من خطر على ذلك الجب فشرب منه وهو لا دري ما وقع فيه كافر بالله تعالى قال وا إلا أن الله تعالى يوفق المؤمن لاجتنابه و قال ت الفضيلية من الصفرية من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله بلسانه ولم يعتقد ذلك بقلبه بل اعتقد الكفر أو الدهرية أو اليهودية أو النصرانية فهو مسلم عند الله مؤمن ولا يضره إذ قال الحق بلسانه ما اعتقد بقلبه و قال ت طائفة من الصفرية أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث ففي حين بعثه في ذلك الوقت من ذلك اليوم لزم جميع أهل المشرق والمغرب الإيمان به وإن لم يعرفو جميع ما جاء به من الشرائع فمن مات منهم قبل أن يبلغه شيء من ذلك مات كافراً و قال ت العجاردة أصحاب عبد الكريم بن عجرد من الصفرية أن من بلغ الحلم من أولادهم وبناتهم فهم براء منه ومن دينه حتى يقر بالإسلام فيتولوه حينئذ. قال أبو محمد: فعلى هذا إن قتله قاتل قبل أن يلفظ بالإسلام فلا قود ولا دية وإن مات لم يرث ولم يورث و قال ت طائفة من العجاردة لا نتولى الأطفال قبل البلوغ ولا نبرأ منهم لكن نقف قال أبو محمد: والعجاردة هم الغالبون على خوارج خراسان كما أن النكار من الإباضية هم الغالبون على خوارج الأندلس و قال ت المكرمية وهم أصحاب أبي مكرم وهم من الثعالبة أصحاب ثعلبة وهو من الصفرية وإلى قول الثعالبة رجع عبد الله بن أباض فبرئ منه أصحابه فهم لا يعرفونه اليوم ولقد سألنا من هو مقدمهم في علمهم ومذهبهم عنهم فما عرفه أحد منهم وكان من قول المكرمية هولاء أن من أتى كبيرة فقد جهل الله تعالى فهو كافر ليس من أجل الكبيرة كفر كلن لأنه جهل الله عز وجل فهو كافر بجهله بالله تعالى و قال ت طائفة من الخوارج ما كان من المعاصي فيه حد كالزنا والسرقة والقذف فليس فاعله كافراً ولا مؤمناً ولا منافقاً وأما ما كان من المعاصي لأحد فيه فهو كفر وفاعله كافر و قال ت الحفصية وهم أصحاب حفص بن ابي المقدام من الأباضية من عرف الله تعالى وكفر بالنبي صلى الله عليه وسلم فهو كافر وليس بمشرك وإن جهل الله تعالى أو جحده فهو حينئذ مشرك و قال بعض أصحاب الحرث الأباضي المنافقون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كانوا موحدين لله تعالى أصحاب كبائر ومن حماقتهم قول بكر بن أخت عبد الواحد بن زيد فإنه كان يقول كل ذنب صغير أو كبير ولو كان أخذ حبة خردل بغير حق أو كذبة خفيفة على سبيل المزاح فهي شرك بالله وفاعلها كافر مشرك مخلد في النار إلا أن يكون من أهل بدر فهو كافر مشرك من أهل الجنة وهذا حكم طلحة والزبير رضي الله عنهما عندهم ومن حماقاتهم قول عبد الله بن عيسى تلميذ بكر بن أخت عبد الواحد بن زيد المذكور فإنه كان يقول أن المجانين والبهايم والأطفال ما لم يبلغوا الحلم فإنهم يألمون البتة لشيء مما ينزل بهم من العلل وحجته في ذلك أن الله تعالى لا يظلم أحداً. قال أبو محمد: لعمري لقد طرد أصل المعتزلة وأن من خالفه في هذه المتلوث في الحماقة متكسع في التناقض.
قال أبو محمد: قال ت المعتزلة بأسرها حاشا ضرار بن عبد الله الغطغاني الكوفي ومن وافقه كحفص الفرد وكلثوم وأصحابه أن جميع أفعال العباد من حركاتهم وسكونهم في أقوالهم وأفعالهم وأعمالهم وعقودهم لم يخلقها الله عز وجل ثم اختلفوا ف قال ت طائفة خلقها فاعلوها دون الله تعالى و قال ت طائفة هي أفعال موجودة لا خالق لها أصلاً و قال ت طائفة هي أفعال الطبيعة وهذا قول أهل الدهر بلا تكلف و قال ت المعتزلة كلها حاشا ضرار بن عمرو المذكور وحاشا أبا سهل بشر بن العمير البغدادي النخاس بالرقيق أن الله عز وجل لا يقدر البتة على لطف يلطف به للكافر حتى يؤمن إيماناً يستحق به الجنة والله عز وجل ليس في قوته أحسن مما فعل بنا وإن هذا الذي فعل هو منتهى طاقته وآخر قدرته التي لا يمكنه ولا يقدر على أكثر. قال أبو محمد: هذا تعجيز مجرد للباري تعالى ووصف له بالنقص وكلهم لا نحاشى أحداً يقول أنه لا يقدر على المحال وعلى أن يجعل الجسم ساكناً متحركاً معاً في حال واحدة ولا على أن يجعل إنساناً واحداً في مكانين. قال أبو محمد: وهذا تعجيز مجرد لله تعالى وإيجاب النهاية والإنقضاء لقدرته تعالى الله عن ذلك و قال أبو الهذيل بن مكحول العلاف مولى عبد القيس بصري أحد رؤساء المعتزلة ومتقدميهم أن لما يقدر الله تعالى عليه آخراً ولقدرته نهاية لو خرج إلى الفعل لم يقدر الله تعالى بعد ذلك على شيء أصلاً ولا على خلق ذرو فما فوقها ولا إحياء بعوضة ميتة ولا على تحريك ورقة فما فوقها ولا على أن يفعل شيئاً أصلاً. قال أبو محمد: وهذه حالة من الضعف والمهانة والعجز قد ارتفعت البق والبراغيث والدود مدة حياتها عنها وعن أن توصف بها وهذا كفر مجرد لا خفاء به يزعم أبو الهذيل أيضاً أن أهل الجنة وأهل النار تفنى حركاتهم حتى يصيروا جماداً لا يقدرون على تحريك شيء من أعضائهم ولا على البراح من مواضعهم وهم في تلك الحال متلذذون ومتألمون إلا أنهم لا يأكلون ولا يشربون ولا يطئون بعد هذا أبداً وكان يزعم أيضاً أن لما يعلمه عز وجل آخر أو نهاية وكلا لا يعلم الله شيئاً سواه وادعى قوم من المعتزلة أنه تاب عن هذه الطوام الثلاث. قال أبو محمد: وهذا لا يصح وإنما ادعوا ذلك حياء من هذه الكفرات الصلع لإمام إمام الضلالة وذكر عن أبي الهذيل أيضاً أنه قال أن الله عز وجل ليس خلافاً لخلقه والعجب أنه مع الإقدام العظيم ينكر الشبيه وهذا عين التشبيه لأنه ليس إلا خلاف أو مثل أو ضد فإذا بطل أن يكون خلافاً وضداً فهو مثل ولا بد تعالى الله عن هذا علواً كبيراً وكان أبو الهذيل يقول أن الله لم يزل عليماً وكان ينكر أن ي قال أن الله لم يزل سميعاً بصيراً. قال أبو محمد: وهذا خلاف القرآن لأن الله عز وجل قال " قال أبو محمد: وهذا تكذيب محض لله تعالى في قوله " قال أبو محمد: هذا تعجيز منه للباري تعالى كما قدمنا إذ لم تحصل له تعالى قدرة على خلق دنيا قبل هذه إلا على الوجه الذي ذكره وأما على غيره فلا فإن قيل كيف تجيبون قلنا جوابنا نعم على الإطلاق فإن قيل لنا كيف يصح هذا السؤال وأنتم تقولون أنه لا يجوز أن ي قال أن قبل العالم شيئاً لأن قبل وبعد من الزمان ولا زمان هنالك قلنا معنى قولنا نعم أي أنه تعالى لم يزل قادراً على أن يخلق عالماً لو خلقه لكان له زمان قبل زمان هذا العالم وهكذا أبداً وبالله تعالى التوفيق وأما ضرار بن عمر فإنه كان يقول إن ممكناً أن يكون جميع من في الأرض ممن يظهر الإسلام كفاراً كلهم في باطن أمرهم لأن كل ذلك جائز على كل واحد منهم في ذاته ومن حماقات ضرار أنه كان يقول أن الأجسام إنما هي أعراض مجتمعة وأن النار ليس فيها حر ولا في الثلج برد ولا في العسل حلاوة ولا في الصبر مرارة ولا في العنب عصير ولا في الزيتون زيت ولا في العروق دم وإن كل ذلك إنما يخلقه الله عز وجل عند القطع والذوق والعصر واللمس فقط وأما أبو عثمان عمرو بن الجاحظ القصري الكناني صليبه وقيل بل مولى وهو تلميذ النظام وأحد شيوخ المعتزلة فإنه كان يقول أن الله تعالى لا يقدر على إفناء الأجسام البتة إلا أن يرققها ويفرق أجزائها فقط وأما إعدامها فلا يقدر على ذلك أصلاً وأما أبو معمر وثمامة بن أشرس النميري صليبه بصري أحد شيوخ المعتزلة وعلمائهم فذكر عنه أنه كان يقول أن العالم فعل الله عز وجل بطباعه تعالى الله عن هذا الكفر الشنيع علواً كبيراً وكان يزعم أن المقلدين من اليهود والنصارى والمجوس وعباد الأوثان لا يدخلون النار يوم القيامة لكن يصيرون تراباً وإن كل من مات من أهل الإسلام والإيمان المحض والاجتهاد في العبادة مصراً على كبيرة من الكبائر كشرب الخمر ونحوها وإن كان لم يواقع ذلك إلا مرة في الدهر فإنه مخلد بين أطباق النيران أبداً مع فرعون وأبي لهب وأبي جهل. قال أبو محمد: فأي كفر أعجب من قول من يقول أن كثيراً من الكفار لا يدخلون النار وإن كثيراً من المسلمين لا يدخلون الجنة وكان ثمامة بن إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجميع أولاد المسلمين الذين يموتون قبل الحلم وجميع مجانين الإسلام لا يدخلون الجنة أبداً لكن يصيرون تراباً وأما هشام بن عمرو الفوطي أحد شيوخ المعتزلة فكان يقول إذا خلق الله تعالى شيئاً فإنه لا يقدر على أن يخلق مثل ذلك الشيء أبداً لكن يقدر على أن يخلق غيره والغيران عنده لا يكونان مثلين وكان لا يجيز لأحد أن يقول حسبنا الله ونعم الوكيل ولا أن الله يعذب الكفار بالنار ولا أنه يحيي الأرض بالمطر ويرى هذا القول والقول بأن الله تعالى يضل من يشاء ويهدي من يشاء ضلالاً وإلحاداً. قال أبو محمد: وهذا رد الله جهاراً وكان يقول لا يحل القول بشيء من هذا إلا عند قراءة القرآن فقط وكان يقول قولوا حسبنا الله ونعم المتوكل عليه وكان يقول قولوا أن الله يعذب الكفار في النار ويحيي الأرض عند نزول المطر وكان لا يجيز القول بأن الله ألف بين قلوب المؤمنين ولا أن القرآن عماً على الكافرين وكان يقول أن من هو الآن مؤمن عابد إلا أن في علم الله إنه يموت كافراً فإنه الآن عند الله كافر وإن من كان الآن كافراً مجوسياً أو نصرانياً أو دهرياً أو زنديقاً إلا أن في علم الله عز وجل أنه يموت مؤمناً فإنه الآن عند الله مؤمن وأما عبد بن سليمان تلميذ هشام الفوطي المذكور فكان يزعم أن الله تعالى لا يقدر على غير ما فعل من الصلاح ولا يجيز أن ي قال أن الله خلق المؤمنين ولا أنه خلق الكافرين ولكن ي قال خلق الناس وذلك زعم لأن المؤمن عنده إنسان وإيمان والكفار إنسان وكفر وأن الله تعالى إنما خلق عنده الإنسان فقط ولم يخلق الإيمان ولا الكفر وكان يقول أن الله تعالى لا يقدر على أن يخلق غير ما خلق وأنه تعالى لم يخلق المجاعة ولا القحط وكلهم يزعم أن الله تعالى لم يأمر الكفار قط بأن يؤمنوا في حال كفرهم ولا نهى المؤمنين قط عن الكفر في حال إيمانهم لأنه لا يقدر أحد قط على الجمع بين الفعلين المتضادين. قال أبو محمد: وهم مقرون أن الله تعالى لم يزل يعلم أن من يؤمن بعد كفره فإنه لا يزال في كفره إلى أن يؤمن وأن من يكفر بعد إيمانه فإنه لا يزال في إيمانه حتى يكفر وأن من لا يؤمن من الكفار أبداً فإنه لا يزال في كفره إلى أن يموت وأن من لا يكفر من المؤمنين فإنه لا يزال في إيمانه إلى أن يموت وليس أحد من المأمورين يخرج عن أحد هذه الوجوه الأربعة ضرورة فإذا كان عندهم لم يؤمر قط كافر بالإيمان في حال كفره ولا نهى مؤمن عن الكفر في حال إيمانه فإن من لم يزل مؤمناً إلى أن مات لم ينهه الله عز وجل عن الكفر قط وأن من لم يزل كافراً إلى أن مات فإن الله لم يأمره قط بالإيمان وأن الله تعالى لم يأمر قط بالإيمان من آمن بعد كفره إلا حين آمن ولا نهى قط عن الكفر من كفر بعد إيمانه إلا حين كفر وهذا تكذيب مجرد لله تعالى في أمره الكفار وأهل الكتاب بالإيمان ونهيه المؤمنين عن الكفر وكان بشر بن المعتمر أيضاً يقول أن الله تعالى لم يخلق قط لوناً ولا طعماً ولا رائحة ولا مجسة ولا شدة ولا ضعفاً ولا عماً ولا بصراً ولا سمعاً ولا صمماً ولا جبناً ولا شجاعة ولا كشفاً ولا عجزاً ولا صحة ولا مرضاً وأن الناس يفعلون كل ذلك فقط وأما جعفر القصبي بايع القصب والأشج وهما من رؤسائهم فكانا يقولان أن القرآن ليس هو في المصاحف إنما في المصاحف شيء آخر وهو حكاية القرآن. قال أبو محمد: وهذا كفر مجرد وخلاف جميع أهل الإسلام قديماً وحديثاً وكان على الأسواري البصري أحد شيوخالمعتزلة يقول أن الله عز وجل لا يقدر على غير ما فعل وإن من علم الله تعالى أنه يموت ابن ثمانين سنة فإن الله لا يقدر على أن يميته قبل ذلك ولا أن يبقيه طرفة عين بعد ذلك وأن من علم الله تعالى من مرضه يوم الخميس مع الزوال مثلاً فإن الله تعالى لا يقدر على أن يبريه قبل ذلك لا بما قرب ولا بما بعد ولا على أن يزيد في مرضه طرفة عين فما فوقها وأن الناس يقدرون كل حين على إماتة من علم الله أن لا يموت إلا وقت كذا وأن الله لا يقدر على ذلك وهذا كفر ما سمع قط بأفظع منه وأما أبو غفار أحد شيوخ المعتزلة فكان يزعم أن شحم الخنزير ودماغه حلال. قال أبو محمد: وهذا كفر صريح لا خفاء به وكان يزعم أن تفخيذ الرجال الذكور حلال وقد ذكر هذا عن ثمامة أيضاً وكل هذا كفر محض وأما أحمد ابن خابط والفضل الحربي البصريان وكانا تلميذين لإبراهيم النظام فكانا يزعمان أن للعالم خالقين أحدهما قديم وهو الله تعالى والآخر حادث وهو كلمة الله عز وجل المسيح عيسى بن مريم التي بها خلق العالم وكانا لعنهما الله يطعنان على النبي صلى الله عليه وسلم بالتزويج وأن أبا ذر كان أزهد منه وكان أحمد بن خابط يزعم أن الذي يجيء به يوم القيامة مع الملائكة صفاً صفاً في ظلل من الغمام إنما هو المسيح عيسى بن مريم عليه السلام وإن الذي خلق آدم على صورته إنما هو المسيح عيسى بن مريم عليه السلام وإن المسيح هو الذي يحاسب الناس يوم القيامة وكان أحمد بن خابط لعنه الله يقول أن في كل نوع من أنواع الطير والسمك وسائر حيوان البر حتى البق والبراغيث والقمل والقرود والكلاب والفيران والتيوس والحمير والدور والوزغ والجعلان أنبياء الله تعالى رسالة إلى أنواعهم مما ذكرنا ومن سائر الأنواع وكان لعنه الله يقول بالتناسخ والكرور وأن الله تعالى ابتدا جميع الخلق فخلقهم كلهم جملة واحدة بصفة واحدة ثم أمرهم ونهاهم فمن عصى منهم نسخ روحه في جسد بهيمة فالعتال يبلتي بالريح كالغنم والإبل والبقر والدجاج وغير ذلك من البراغيث وكل ما يقتل في الأغلب وإن من كان منهم في فسقه وقتله للناس عفيفاً كوفي بالقوة على السفناد كالتيس والعصفور والكبش وغير ذلك من كان زانياً أوزانية كوفيا بالمنع من الجمال كالبغال والبغلات ومن كان جباراً كوفي بالمهانة كالدود والقمل وال يزالون كذلك حتى يقتص منهم ثم يردون فمن عصى منهم كرر أيضاً كذلك هكذا أبداً حتى يطيع طاعة لا معصية معها فينتقل إلى الجنة من وقته أو يعصي معصية لا طاعة معها فينتقل إلى جهنم من وقته وإنما حمله على القول بكل هذا لزومه أصل المعتزلة في العدل وطرده إياه ومشبه معه واعلموا أن كل من لم يقل من المعتزلة بهذا القول فإنه متناقض تارك لأصلهم في العدل وكان لعنه الله يقول أن للثواب دارين إحداهما لا أكل فيها ولا شرب وهي أرفع قدراً من الثانية والثانية فيها أكل وشرب وهي أنقص قدراً. قال أبو محمد: هذا كله كفر محض وكان لهذا الكافر أحمد بن خابط تلميذ على مذهبه ي قال له أحمد بن سابوس كان يقول بقول معلمه في التناسخ ثم ادعى النبوة و قال أنه المراد بقول الله عز وجل ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد وكان محمد بن عبد الله بن مرة بن نجيح الأندلسي يوافق المعتزلة في القدر وكان يقول أن علم الله وقدرته صفتان محدثتان مخلوقتان وأن لله تعالى علمين أحدهما أحدثه جملة وهو علم الكتاب وهو علم الغيب كعلمه أنه سيكون كفار ومؤمنون والقيامة والجزا ونحو ذلك والثاني علم الجزئيات وهو علم الشهادة وهو كفر زيد وإيمان عمر ونحو ذلك فإنه لا يعلم الله تعالى من ذلك شيئاً حتى يكون وذكر قول الله تعالى " قال أبو محمد: وهذا ليس كما ظن بل على ظاهره أنه يعلم ما تفعلون وإن أخفيتم ويعلم ما غاب عنكم مما كان أو يكون أو هو كائن. قال أبو محمد: وإنما حمله على هذا القول طرده لأصول المعتزلة حقاً فإن من قال منهم إن الله تعالى لم يزل يعلم أن فلاناً لا يؤمن أبداً وأن فلاناً لا يكفر أبداً ثم جعل الناس قادرين على تكذيب كلام ربهم وعلى إبطال ما لم يزل وهذا تناقض فاحش لا خفاء به ونعوذ بالله من الخذلان وكان من أصحابه جماعة يكفرون من قال أنه عز وجل لم يزل يعلم كل ما يكون قبل أن يكون وكان من أصحاب مذهبه رجل ي قال له إسماعيل بن عبد الله الرعيني متأخر الوقت وكان من المجتهدين في العبادة المنقطعين في الزهد وأدركته إلا أني لم ألقه ثم أحدث أقوالاً سبعة فبرئ منه سائر المرية وكفروه إلا من اتبعه منهم فمما أحدث قوله أن الأجساد لا تبعث أبداً وإنما تبعث الأرواح صح هذا عندنا عنه وذكر عنه أنه كان يقول أنه حين موت الإنسان وفراق روحه لجسده تلقى روحه الحساب ويصير إما إلى الجنة أو إلى النار وأنه كان لا يقر بالبعث إلا على هذا الوجه وأنه كان يقول أن العالم لا يفنى أبداً بل هكذا يكون الأمر بلا نهاية وحدثني الفقيه أبو أحمد المعارفي الطليطلي صاحبنا أحسن الله ذكره قال أخبرني يحيى بن أحمد الطبيب وهو ابن ابنة إسماعيل الرعيني المذكور قال أن جدي كان يقول أن العرش هو المدبر للعالم وأن الله تعالى أجل من أن يوصف بفعل شيء أصلاً وكان ينسب هذا القول إلى محمد بن عبد الله بن مسرة ويحتج بألفاظ في كتبه ليس فيها لعمري دليل على هذا القول وكان يقول لسائر المرية إنكم لن تفهموا عن الشيخ فبرئت منه المرية أيضاً على هذا القول وكان أحمد الطبيب صهره ممن برئ منه وتثبتت ابنته على هذه الأقوال متبعة لأبيها مخالفة لزوجها وابنها وكانت متكلمة ناسكة مجتهدة وواقفت أبا هارون بن إسماعيل الرعيني على هذا القول فأنكره وبرئ من قائله وكذب ابن أخيه فميا ذكر عن أبيه وكان مخالفوه من المرية وكثير من موافقيه ينسبون إليه القول باكتساب النبوة وأن من بلغ الغاية من الصلاح وطهارة النفس أدرك النبوة وأنها ليست اختصاصاً أصلاً وقد رأينا منهم من ينسب هذا القول إلى ابن مرة ويستدل على ذلك بألفاظ كثيرة في كتبه هي لعمري لتشير إلى ذلك ورأينا سائرهم ينكر هذا فالله أعلم ورأيت أنا من أصحاب إسماعيل الرعيني المذكور من يصفه بفهم منطق الطير وبأنه كان ينذر بأشياء قبل أن تكون فتكون وأما الذي لا شك فيه فإنه كان عند فرقته إماماً واجبة طاعته يؤدون إليه زكاة أموالهم وكان يذهب إلى أن الحرام قد عم الأرض وأنه لا فرق بين ما يكتسبه المرء من صناعة أو تجارة أم ميراث أو بين ما يكتسبه من الرفاق وإن الذي يحل للمسلم من كل ذلك قوته كيف ما أخذه هذا أمر صحيح عندنا عنه يقيناً وأخبرنا عنه بعض من عرف باطن أمورهم أنه كان يرى الدار دار كفر مباحة دماؤهم وأموالهم إلا أصحابه فقط وصح عندنا عنه أنه كان يقول بنكاح المتعة وهذا لا يقدح إيمانه ولا في عدالته لو قال ه مجتهداً ولم تقم عليه الحجة بنسخه لو سلم من الكفرات الصلع التي ذكرنا وإنما ذكرنا عنه ما جرى لنا من ذكره ولغرابة هذا القول اليوم وقلة القائلين به من الناس ورأيت لأبي هاشم عبد السلام ابن محمد بن عبد الوهاب الجنائي كبير المعتزلة وابن كبيرهم القطع بأن لله تعالى أحوالاً مختصة به وهذه عظيمة جداً إذ جعله حاملاً للأعراض تعالى الله عن هذا الأفك ورأيت له القطع في كتبه كثيراً يردد القول بأنه يجب على الله أن يزيح علل العباد في كل ما أمرهم به ولا يزال يقول في كتبه أن أمر كذا لم يزل واجباً على الله. قال أبو محمد: وهذا كلام تقشعر منه ذوائب المؤمن ليت شعري من الموجب ذلك على الله تعالى والحاكم عليه بذلك والملزم له ما ذكر هذا النذل لزومه للباري تعالى ووجوبه عليه فيا لله لمن قال أن الفعل أوجب ذلك على الله تعالى أو ذكر شيئاً دونه تعالى ليصرحن بأن الله تعالى متعبد للذي أوجب عليه ما أوجب محكوم عليه مدبر وأنه للكفر الصراح ولئن قال أنه تعالى هو الذي أوجب ذلك على نفسه فالإيجاب فعل فاعل لا شك فإن كان الله لم يزل موجباً ذلك على نفسه فلم يزل فاعلاً فالأفعال قديمة ولا بد لم تزل وهذه دهرية محضة وإن كان تعالى أوجب ذلك على نفسه بعد أن لم يكن موجباً له فقد بطل انتفاعه بهذا القول في أصله الفاسد لأنه قد كان تعالى غير واجب عليه ما ذكر ورأيت لبعض المعتزلة سوء الأسائل عنه أبا هاشم المذكور يقول فيه ما بال كل من بعثه النبي صلى الله عليه وسلم داعياً إلى الإسلام إلى اليمن والبحرين وعمان والملوك وسائر البلاد وكل من يدعو إلى مثل ذلك إلى يوم البعث لا يسمى رسول الله كما سمى محمد عليه السلام إذ أمره الملك عن الله عز وجل بالدعاء إلى الإسلام والأمر واحد والعمل سواء. قال أبو محمد: فأعجبوا لتلاعب إبليس بهذه الفرقة الملعونة وسلوا الله العافية من أن يكلكم إلى أنفسكم فحق لمن دينه أن ربه لا يقدر على أن يهديه ولا على أن يضله إن يتمكن الشيطان منه هذا التمكن ولعمري أن هذا السؤال لقد لزم أصل المعتزلة المضل لهم ولمن التزمه والمورد لجميعهم نار جهنم وهو قولهم أن التسمية موكولة إلينا لا إلا الله عز وجل ورأيت لهذا الكافر أبي هاشم كلاماً رد فيه بزعمه على من يقول أنه ليس لأحد أن يسمي الله عز وجل إلا بما سبى به نفسه ف قال هذا النذل لو كان هذا ولم يجز لأحد أن يسمي الله تعالى عز وجل إلا بما سمى به نفسه لكان غير جائز لله أن يسمي نفسه باسم حتى يسميه به غيره. قال أبو محمد: فهل يأتي الممرور بأقبح من هذا الاستدلال وهل في التسمية أكثر من هذا ولكن من يضلل الله فلا هادي له ونعوذ بالله من أن يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين فنهلك وكان أبو هاشم أيضاً يقول أنه لو طال عمر المسلم المحسن لجاز أن يعمل من الحسنات والخير أكثر مما عمل النبي صلى الله عليه وسلم. قال أبو محمد: لا والله ولا كرامة ولو عمر أحدنا الدهر كله في طاعات متصلة ما وازى عمل أمرء صحب النبي صلى الله عليه وسلم من غير المنافقين والكفار المجاهرين ساعة واحدة فما فوقها مع قوله صلى الله عليه وسلم أنه لو كان لأحدثنا مثل أحد ذهباً فأنفقه ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه فمتى يطمع ذو عقل أن يدرك أحداً من الصحابة مع هذا البون الممتنع إدراكه قطعاً وكان أبو هاشم المذكور يقول أنه لا يقبل توبة أحد من ذنب عمله أي ذنب كان حتى يتوب من جميع الذنوب. قال أبو محمد: وحقاً أقول لقد طرد أصل المعتزلة الذي أطبقوا عليه من إخراج المرء عن الإسلام جملة بذنب واحد عمله يصر عليه وإيجابهم الخلود في النار عليه بذلك الذنب وحده فلو كان هذا لكان أبو هاشم صادقاً إذ لا منفعة له عندهم في تركه كل ذنب وهو بذنب واحد يصر عليه خارج عن الإيمان مخلد بين أطباق النيران وما ينكر هذا عليه من المعتزلة إلا جاهل بأصولهم أو عامد للتناقض وكان يقول إن تارك الصلاة وتارك الزكاة عامداً لكل ذلك لم يفعل شيئاً ولا أذنب ولا عصي وأنه مخلد بين أطباق النيران أبداً على غير فعل فعله ولا على شيء ارتكبه. قال أبو محمد: فهل في التجوير لله على أصولهم وهل في مخالفة الإسلام جهاراً أكثر من هذا القول السخيف وكأن الذي حمله على قوله هذا قوله أنه ترك الفعل ليس فعلاً وجميع المعتزلة إلا هشام بن عمرو الفوطي يزعمون أن المعدومات أشياء على الحقيقة وأنها لم تزل وأنها لا نهاية لها. قال أبو محمد: وهذه دهرية بلا مطل وأشياء لا نهاية لها لم تزل غير مخلوقة وكان عبد الرحيم بن محمد بن عثمان الخياط من أكابر المعتزلة ببغداد ممن يقول أن الأجسام المعدومة لم تزل أجساماً بلا نهاية لها لا في عدد ولا في زمان غير مخلوقة و قال أبو محمد عبد الله الاسكافي أحد رؤساء المعتزلة أن الله تعالى لم يخلق الطنابير ولا المزامير ولا المعازف. قال أبو محمد: كان من تمام هذا الكفر أن يقول أن الله لم يخلق الخمر ولا الخنازير ولا مردة الشياطين و قال ت المعتزلة بأسرها حاشا بشر بن المعتمر وضرار ابن عمرو أنه لا يحل لأحد تمني الشهادة ولا أن يريدها ولا أن يرضاها لأنها تغليب كافر على مسلم وإنما يجب على المسلم قال أبو محمد: وهذا خلاف دين الإسلام والقرآن والسنن والإجماع المتقين و قال وا كلهم حاشا ضراراً وبشراً أن الله لم يمت رسولاً ولا نبياً ولا صاحب نبي ولا أمهات المؤمنين وهو يدري أنهم لو عاشوا فعلوا خيراً لكن أمات كل من أمات منهم إذ علم أنه لو أبقاه طرفة عين لكفر أو فسق ولا بد هذا قولهم في أبي بكر وعمر وعلي وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعائشة وخديجة نعم وفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وموسى وعيسى وإبراهيم عليهم السلام فأعجبوا لهذه الضلالات الوحشية وكان الجعد وهو من شيوخهم يقول إذا كان الجماع يتولد منه الولد فأنا صانع ولدي ومدبره وفاعله لا فاعل له غيري وإنما ي قال إن الله خلقه مجازاً لا حقيقة فأخذ أبو علي محمد بن عبد الوهاب الجبائي الطرف الثاني من الكفر ف قال إن الله تعالى خلق الحبل والموت وكل من فعل شيئاً فهو منسوب إليه فإن الله تعالى هو محبل النساء وهو أحبل مريم بنت عمران. قال أبو محمد: يلزم ولا بد إذا كان أولادنا خلقاً لله عز وجل أن يضيفهم إليه فيقول هم أبناء الله والمسيح ابن الله ولا بد و قال أبو عمر وأحمد بن موسى بن احدير صاحب السكة وهو من شيوخ المعتزلة في بعض رسائله التي جرت بينه وبين القاضي منذر بن سعيد رحمه الله أن الله عاقل وأطلق عليه هذا الاسم و قال بعض شيوخ المعتزلة أن العبد إذا عصى الله عز وجل طبع على قلبه فيصير غير مأمور ولا منهي وأما حماقاتهم فإن أبا الهذيل العلاف قال من سرق خمسة دراهم أو قيمتها فهو فاس منسلخ من الإسلام مخلد أبداً في النيران إلا أن يتوب و قال بشر بن المعتمر أن من سرق عشرة دراهم غير حبة فلا إثم عليه ولا وعيد فإن سرق عشرة دراهم خرج عن الإسلام ووجب عليه الخلود إلا أن يتوب و قال النظام إن سرق مأتي درهم غير حبة فلا إثم عليه ولا وعيد وإن سرق مأتي درهم خرج عن الإسلام ولزمه الخلود إلا أن يتوب و قال أبو بكر أحمد بن علي بن أحور بن الأخشيد وهو أحد رؤسائهم الثلاثة الذين انتهت رياستهم إليهم وافترقت المعتزلة على مذاهبهم والثاني منهم أبو هاشم الجبائي والثالث عبد الله بن محمد بن محمود البلخي المعروف بالكعبي وكان والد أحمد بن علي المذكور أحد قواد الفراعنة وولي الثغور للمعتضد وللمكتفي فكان من قول أحمد المذكور أن من ارتكب كل ذنب في الدنيا وهكذا أبداً متى عاد لذلك الذنب أو لغيره من القتل فما دونه إلا أنه ندم أثر فعله له فقد صحت توبته وسقط عنه ذلك الذنب أبداً وهكذا أبداً متى عاد لذلك الذنب أو لغيره. قال أبو محمد: هذا قول لم يبلغه جماهير المرجئة وهو مع ذلك يدعي القول بإنفاذ الوعد والوعيد وما على أديم الأرض مسلم لا يندم على ذنبه و قال عبد الرحمن تلميذ أبي الهذيل أن الحجة لا تقوم في الأخبار إلا بنقل خمسة يكون فيهم ولي لله لا أعرفه بعينه وعن كل واحد من أولئك الخمسة خمسة مثلهم وهكذا أبداً و قال صالح تلميذ النظام أن من رأى رؤيا أنه بالهند أو أنه قتل أو أنه أي شيء رأى فإنه حق يقين كما رأى كما لو كان ذلك في اليقظة و قال عباد بن سليمان الحواس سبع و قال النظام الألوان جسم وقد يكون جسمان في مكان واحد وكان النظام يقول لا نعرف الأجسام بالأخبار أصلاً لكن كل من رأى جسماً سواء كان المرئي إنساناً أو غير إنسان فإن الناظر إليه اقتطع منه قطعة اختلطت بجسم الرائي ثم كل من أخبره ذلك الرائي عن ذلك الجسم فإن المخبر أيضاً أخذ من تلك القطعة قطعة وهكذا أبداً. قال أبو محمد: وهذه قصة لولا أننا وجدناها عنه من طريق تلامذته المعظمين له ذكروها في كتبهم عنه ما عرفناهم على ذي مسكة من عقل فألزمه خصومه على هذا أن قطعاً من جبريل وميكائيل ومن النبي صلى الله عليه وسلم ومن موسى وعيسى وإبراهيم عليهم السلام في نار جهنم وأن قطعاً من فرعون وإبليس وأبي لهب وأبي جهل في الجنة وكان يزعم أنه لا سكون في شيء من العالم أصلاً وأن كل سكون يعلم بتوسط البصر فهو حركة بلا شك وكان معمر يزعم أنه لا حركة في شيء من العالم وأن كل ما يسميه الناس حركة فهو سكون وكان عباد بن سليمان يقول أن الأمة إذا اجتمعت وصلحت ولم تتظالم احتاجت حينئذ إلى إمام يسوسها ويدبرها وإن عصت وفجرت وظلمت استغنت عن الإمام وكان أبو الهذيل يقول أن الإنسان لا يفعل شيئاً في حال استطاعته وإنما يفعل بالاستطاعة بعد ذهابها فألزمه خصومه أن الإنسان إنما يفعل إذا لم يكن مستطيعاً وأما إذا كان مستطيعاً فلا وإن الميت يفعل كل فعل في العالم. قال أبو محمد: وحماقاتهم أكثر من ذلك نعوذ بالله من الخذلان.
قال أبو محمد: غلاة المرجئية طائفتان إحداهما الطائفة القائلة بأن الإيمان قول باللسان وإن اعتقد الكفر بقلبه فهو مؤمن عند الله عز وجل ولي له عز وجل من أهل الجنة وهذا قول محمد ابن كرام السجستاني وأصحابه وهو بخراسان وبيت المقدس والثانية الطائفة القائلة أن الإيمان عقد بالقلب ون أعلن الكفر بلسانه بلا تقية وعبد الأوثان أو لزم اليهودية أو النصرانية في دار الإسلام وعبد الصليب وأعلن التثليث في دار الإسلام ومات على ذلك فهو مؤمن كامل الإيمان عند الله عز وجل ولي لله عز وجل من أهل الجنة وهذا قول أبي محرز جهم بن صفوان السمرقندي مولى بني راسب كاتب الحارث بن سريج التميمي أيام قيامه على نصر بن سيار بخراسان وقول أبي الحسن علي بن إسماعيل بن أبي اليسر الأشعري البصري وأصحابهما فأما الجهمية فبخراسان وأما الأشعرية فكانوا ببغداد والبصرة ثم قامت له سوق بصقلية والقيروان والأندلس ثم رق أمرهم والحمد لله رب العالمين فمن فضايح الجهمية وشنعهم قولهم بأن علم الله تعالى محدث مخلوق وأنه تعالى لم يكن يعلم شيئاً حتى أحدث لنفسه علماً علم به وكذلك قولهم في القدرة و قال أيضاً أن الجنة والنار يفنيان ويفنى كل من فيهما وهذا خلاف القرآن والثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلاف إجماع أهل الإسلام والمتيقن و قال بعض الكرامية المنافقون مؤمنون من أهل الجنة وقد أطلق ذلك بالمرية محمد بن عيسى الصوفي الألبيري وكانت الفاظه تدل على أنه يذهب مذهبهم في التجسيم وغيره وكان ناسكاً متقللاً من الدنيا واعظاً مفوهاً مهذاراً قليل الصواب كثير الخطأ رأيته مرة وسمعته يقول إن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يلزمه زكاة مال لأنه اختار أن يكون نبياً عبداً والعبد لا زكاة عليه ولذلك لم يروث ولا ورث فأمسكت عن معارضته لأن العامة كانت تحضره فخشيت لغطهم وتشنيعهم بالباطل ولم يكن معي أحد إلا يحيى بن عبد الكثير بن وافد كنت أتيت أنا وهو معي متنكرين لنسمع كلامه وبلغتني عنه شنع منها القول بحلول الله فميا شاء من خلقه أخبرني عنه بهذا أبو أحمد الفقيه المعافري عن أبي علي المقري وكان على بنت محمد بن عيسى المذكور وغير هذا أيضاً ونعوذ بالله من الضلال و قال ت طائفة من الكرامية المنافقون مؤمنون مشركون من أهل النار و قال ت طائفة منهم أيضاً من آمن بالله وكفر بالنبي صلى الله عليه وسلم فهو مؤمن كافر معاً ليس مؤمناً على الإطلاق ولا كافراً إلى الإطلاق و قال مقاتل ابن سليمان وكان من كبار المرجئة لا يضر مع الإيمان سيئة جلت أو قلت أصلاً ولا ينفع مع الشرك حسنة أصلاً وكان مقاتل هذا مع جهم بخراسان في وقت واحد وكان يخالفه في التجسيم كان جهم يقول ليس الله تعالى شيئاً ولا هو أيضاً لا شيء لأنه تعالى خالق كل شيء فلا شيء إلا مخلوق وكان مقاتل يقول إن الله جسم ولحم ودم على صورة الإنسان و قال ت الكرامية الأنبياء يجوز منهم كبائر المعاصي كلها حاشا الكذب في البلاغ فقط فإنهم معصومون منه وذكر لي سليمان بن خلف الباجي وهو من رؤوس الأشعرية أن فيهم من يقول أيضاً أن الكذب في البلاغ أيضاً جائز من الأنبياء والرسول عليهم السلام. قال أبو محمد: وكل هذا كفر محض وذكر عنهم محمد بن الحسن بن فورك الأشعري أنهم يقولون أن الله تعالى يفعل كما يفعل في ذاته وأنه لا يقدر على إفناء خلقه كله حتى يبقى وحده كما كان قبل أن يخلق و قال وا أيضاً أن كلام الله تعالى أصوات وحروف هجاء مجتمعة كلها أبداً لم تزل ولا تزال و قال وا أيضاً لا يقدر الله على غير ما فعل و قال وا أيضاً أنه متحرك أبيض اللون وذكر عنهم أنهم يقولون أنه تعالى لا يقدر على إعادة الأجسام بعد بلائها لكن يقدر على أن يخلق مثلها ومن حماقاتها أنهم يجيزون كون إمامين وأكثر في وقت واحد وأما الأشعرية ف قال وا أن شتم من أظهر الإسلام لله تعالى ولرسوله بأفحش ما يكون من الشتم وإعلان التكذيب بها باللسان بلا تقية ولا حكاية والإقرار بأنه يدين بذلك ليس شيء من ذلك كفرا ثم خشوا مبادرة جميع أهل الإسلام لهم ف قال وا لكنه دليل على أن في قلبه كفراً فقلنا لهم وتقطعون بصحة ما دل عليه هذا الدليل ف قال وا لا و قال ت الأشعرية أن إبليس قد فكر ثم أعلن بعصيان الله تعالى في السجود لآدم عليه السلام فإن إبليس من حينئذ لم يعرف أن الله تعالى حقاً ولا أنه خلقه من نار ولا أنه خلق آدم من تراب وطين ولا عرف أن الله أمره بالسجود لآدم بعدها قط ولا عرف بعد هذا قط أن الله كرم آدم ومن قولهم بأجمعهم أن إبليس لم يسأل الله قط أن ينظره إلى يوم البعث فقلنا لهم ويلكم إن هذا تكذيب لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم ورد للقرآن قال وا لنا إن إبليس إنما قال كل ذلك هازئاً مستهزئاً بلا معرفة ولا اعتقاد كان هذا أشنع كفر وأبرده بعد كفر الغالية من الرافضة و قال وا إن إبليس لم يكفر بمعصيته الله في ترك السجود لآدم ولا بقوله عن آدم أنا خير منه وإنما كفر بجحد لله تعالى كان في قلبه. قال أبو محمد: هذا خلاف للقرآن وتكهن لا يعرف صحته إلا من حدثه به إبليس عن نفسه على أن الشيخ غير ثقة فيما يحدث به و قال ت الأشعرية أيضاً أن فرعون لم يعرف قط أن موسى إنما جاء بتلك الآيات من عند الله حقاً وأن اليهود والنصارى الذين كانوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لم يعرفوا قط أن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم حقاً ولا عرفوا أنه مكتوب في التوراة والإنجيل وأن من عرف ذلك منهم وكتمه وتمادى على إعلان الكفر ومحاربة النبي صلى الله عليه وسلم بخيبر ومن بني قريظة وغيرهم فإنهم كانوا مؤمنين عند الله عز وجل أولياء لله من أهل الجنة فقلنا لهم ويلكم هذا تكذيب لله عز وجل إذ يقول " قال أبو محمد: هذا والله أعظم من قول النصارى وأدخل في الكفر والشرك لأن النصارى لم يجعلوا مع الله تعالى إلا اثنين هو ثالثهما وهؤلاء جعلوا معه تعالى خمسة عشر هو السادس عشر لهم وقد صرح الأشعري في كتابه المعروف بالمجالس بأن مع الله تعالى أشياء سواه لم تزل كما لم يزل. قال أبو محمد: وهذا إبطال التوحيد علانية وإنما حملهم على هذا الضلال ظنهم أن ثبات علم الله تعالى وقدرته وعزته وكلامه لا يثبت إلا بهذه الطريقة المعلونة ومعاذ الله من هذا بل كل ذلك حق لم يزل غير مخلوق ليس شيء من ذلك غير الله تعالى ولا ي قال في شيء من ذلك هو الله تعالى لأن هذه تسمية له عز وجل وتسميته لا تجوز إلا بنص وقد تقصينا الكلام في هذا في صدر ديواننا هذا والحمد لله رب العالمين وإنما جعلنا هاهنا شنع أهل البدع تنفيراً عنهم وإيحاشا للأغمار من المسلمين من الأنس بهم ومن حسن الظن بكلامهم الفاسد ولقد قلت لبعضهم إذا قلتم أن مع الله تعالى خمسة عشر صفة كلها غيره وكلها لم تزل فما الذي أنكرتم على النصارى إذ قال وا أن الله ثالث ثلاثة ف قال لي إنما أنكرنا عليهم إذ جعلوا معه شيئين فقط ولم يجعلوا معه أكثر ولقد قال لي بعضهم اسم الله تعالى وهو قولنا الله عبارة تقع على ذات الباري وجميع صفاته لا على ذاته دون صفاته فقلت له أتعبد الله أم لا ف قال لي نعم فقلت له فإنما تعبد إذاً بإقرارك الخالق وغيره معه فيكفيك فنفر نفرة و قال معاذ الله من هذا ما أعبد إلا الخالق وحده فقت له فإنما تعبد إذاً بإقرارك بعض ما يسمى به الله فنفر أخرى و قال معاذ الله من هذا وأنا واقف في هذه المسألة و قال شيخ لهم قديم وهو عبد الله بن سعيد بن كلاب البصري أن صفات الله تعالى ليست باقية ولا فانية ولا قديمة ولا حديثة لكنها لم تزل غير مخلوقة هذا مع تصريحه بأن الله قديم باق ومن حماقات الأشعرية قولهم أن للناس أحوالاً ومعاثي لا معدومة ولا موجودة ولا معلومة ولا مجهولة ولا مخلوقة ولا غير مخلوقة ولا أزلية ولا محدثة ولا حق ولا باطل وهي علم العالم بأن له علماً ووجود الواجد لوجوده كلما يجد هذا أمر سمعناه منهم نصاً رأيناه في كتبهم فهل في الرعونة أكثر من هذا وهل يمكن الموسوس والمبرسم أن يأتي بأكثر من هذا ولقد حاورني سليمان بن خلف الباجي كبيرهم في هذه المسألة في مجلس حافل فقلت له هذا كما تقول العامة عندنا عنب لا من كرم ولا من دالية ومن هوسهم قولهم أن الحق غير الحقيقة ولا ندري في أي لغة وجدوا هذا أم في أي شرع وارد أم في أي طبيعة ظفروا به ف قال وا أن الكفر حقيقة وليس بحق وقلنا كلا بل وجوده عن حقيقة ومعناه باطل لا حق ولا حقيقة و قال وا كلهم إن الله حامل لصفاته في ذاته هذا نص قول أبي جعفر السمناني المكفوف قاضي الموصل وهو أكبر أصحاب الباقلاني ومقدم الأشعرية في وقتنا هذا و قال هذا السمناني أيضاً من سمي الله تعالى جسماً من أجل أنه حامل لصفاته في ذاته فقد أصاب المعنى وأخطأ في التسمية فقط و قال هذا السمناني أن الله تعالى مشارك للعالم في الوجود وفي قيامه بنفسه كقيام الجواهر والأجسام وفي أنه ذو صفات قائمة به موجودة بذاته كما ثبت ذلك فيما هو موصوف بهذه الصفات من جملة أجسام العالم وجواهره هذا نص كلام السمناني حرفاً حرفاً. قال أبو محمد: ما أعلم أحداً من غلاة المشبهة أقدم على أن يطلق ما أطلق هذا المبتدع الجاهل الملحد المتهور من أن الله تعالى مشارك للعالم حاشا لله من هذا و قال السمناني عن شيوخه من الأشعرية أن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم أن الله خلق آدم على صورته إنما هو على صفة الرحمن من الحياة والعلم والاقتدار وإجماع صفات الكمال فيه وأسجد له ملائكته كما أسجدهم لنفسه وجعل له الأمر والنهي على ذريته كما كان الله تعالى كل ذلك. قال أبو محمد: هذا نص كلامه حرفاً حرفاً وهذا كفر صريح وشرك بواح إذ صرح بأن آدم على صفة الرحمن من اجتماع صفات الكمال فيهما فالله تعالى وآدم عنده مثلان مشتبهان في اجتماع صفات الكمال فيهما ثم لم يقنع بهذه السوءة حتى صرح بأن سجود الملائكة لآدم كسجودهم لله عز وجل وحاشا لله من هذا لأن سجود الملائكة لله تعالى سجود عبادة وديانة لخالقهم وسجودهم لآدم سجود سلام وتحية وتشريف منهم لآدم وإكرام له بذلك كسجود يعقوب لابنه يوسف عليهما السلام فقط ثم زاد اللعين كفراً على كفر بنصه أن الله تعالى جعل له الأمر والنهي على ذريته كما كان لله تعالى ذلك وهذا شرك لا خفاء به كشرك النصارى في المسيح ولا فرق ونسأل الله تعالى العافية و قال هذا السمناني أن مذهب شيوخه أنهم لا يقولون أن الأمر بالشيء دال على كونه مراداً للآمر قديماً كان أو محدثاً ولا يدل النهي على كونه مكروهاً هذا نص كلامه وهذا خلاف الإسلام والإجماع والمعقول وتصريح بأن الله تعالى إذ أمر بالصلاة والزكاة والحج والصيام والجهاد وشهادة الإسلام فليس في ذلك دليل على أنه يريد شيئاً من ذلك وإذ نهى عن الكفر والزنا والبغي والسرقة وقتل النفس ظلماً فليس ذلك دليلاً على أنه يكره شيئاً من ذلك وما في الأقوال انتين من هذا القول و قال هذا السمناني أنه لا يصح القول بأن علم الله تعالى مخالف للعلوم كلها ولا أن قدرته مخالفة للقدر كلها لأنها كلها داخلة تحت قولنا ووصفنا للقدر والعلوم هذا نص كلامه وهذا بيان بأن دينهم أن علم الله تعالى وقدرته من نوع علمنا وقدرتنا وإذ الأمر كذلك عنده فعلمنا وقدرتنا عرضان فينا مخلوقان فوجب ضرورة أن علم الله تعالى وقدرته عرضان في الله مخلوقان إذ من الممتنع وقوع ما لم يزل مع المحدث المخلوق تحت حد واحد ونوع واحد ونص هذا السمناني ومحمد بن الحسن بن فورك في صدر كلامه في كتاب الأصول أن الحدود لا تختلف في قديم ولا محدث قال وا ذلك في كلامهم في علم الله تعالى في تحديدهم لمعنى العلم بصفة يقع تحتها علم الله تعالى وعلوم الناس وهذا نص منهم على أن الله تعالى محدود واقع معنا تحت الحدود وهو علمه وقدرته وهو شر من قول جهم شيخهم في الحقيقة وأبين من قول كل مشبه في الأرض ونص هذا السمناني على أن العالم والقادر والمريد من الله تعالى وخلقه إنما كان محتاجاً إلى هذه الصفات لكونه موصوفاً بها لا لجوازها عليه هذا نص كلامه وهذا تصريح منهم بلا تكلف ولا تأويل بأن الله تعالى عن كفر هذا الأرعن محتاج إلى الصفات وهذا كفر ما يدري أن أحداً بلغه ونص هذا السمناني أيضاً على أن الله تعالى لما كان حياً عالماً كان موصوفاً بالحياة والعلم والقدرة والإرادة حتى لا يختلف الحال في ذلك في الشاهد والغائب هذا نص كلامه وهذا تصريح منه على أن الله تعالى حالا لم يخالفه فيها خلقه بل هو وهم فيها سواء ونصهذا السمناني على أنه إذا كانت الصفات الواجبة لله تعالى في كونه عالماً قادراً لا يغني وجوبها له عن ما هو مصحح لها من الحياة فيه كما لا يوجب غناه عما يوجب كونه عالماً قادراً عن القدرة والعلم. قال أبو محمد: هذا نص جلي على أن الله تعالى غير غني عن شيء هو غيره لأن الصفات عندهم هي غيره تعالى والله تعالى عندهم غير غني عنها تعالى الله وإذا لم يكن غنياً عنها فهو فقير إليها هكذا قال ت اليهود أن الله فقير تعالى الله عن هذا بل هو الغني جملة عما سواه وكل من دونه فقير إليه تعالى و قال السمناني إن قال قائل لم أنكرتم أن يكون الله مريداً لنفسه حسب ما قال ه النجار والجاحظ قيل له أنكرنا ذلك لما قدمنا ذكره من أن الواحد من الخلق مريد بإرادة ولا يخلو أن يكون حقيقة المريد من له الإرادة أو كونه مريداً وجود الإرادة له وأي الأمرين كان وجبت مساواة الغائب الشاهد في هذا الباب. قال أبو محمد: وهذا نص جلي على مساواة الله تعالى لخلقه عند هذا الجاهل وهذا أعظم في الكفر من قول كل مجسم لأن جميع المجسمين لم يقدم أحد منهم قط على القول بأن الله تعالى مساو لخلقه قبل هذه الفرقة الملعونة ثم العجب قطعهم بأن الله عز وجل غائب غير شاهد وحاشا الله عن هذا بل هو معنا وهو أقرب إلينا من حبل الوريد كما قال عز وجل أنه حاضر في العقول غير غائب و قال الباقلاني ما وجد في الله تعالى من التسميات فإنه يجوز إطلاقها عليه وإن لم يسم بذلك نفسه ما لم يرد شرع يمنع من ذلك. قال أبو محمد: هذا نص منه على أن هاهنا معاني توجد في الله تعالى مع الإلحاد في أسمائه إذ جاز تسميته بما لم يسم به عز وجل نفسه تعالى الله عن هذا علواً كبيراً و قال وا كلهم أن الله تعالى ليس له إلا كلام واحد وليس له كلمات كثيرة. قال أبو محمد: هذا كفر مجرد لخلافه القرآن وتكذيب لله عز وجل في قوله " قال أبو محمد: وهذا من أعظم الكفر لأن الله تعالى قال " قال أبو محمد: بل على من يقول إن الله عز ول لم يقلها ألف ألف لعنة تترى وعلى من ينكر أننا نسمع كلام الله ونقرأ كلام الله ونحفظ كلام الله ونكتب كلام الله ألف ألف لعنة تترى من الله عز وجل فإن قول هذه الفرقة في هذه المسألة نهاية الكفر بالله عز وجل ومخالفة للقرآن والنبي صلى الله عليه وسلم ومخالفة جميع أهل الإسلام قبل حدوث هذه الطائفة الملعونة. قال أبو محمد: و قال ت الأشعرية كلها أن الله عز وجل لم يزل قائلاً لكل ما خلق أو يخلق في المستأنف كن إلا أن الأشياء لم تكن إلا حين كونها وهذا تكذيب منهم مكشوف لله عز وجل إذ يقول " قال أبو محمد: هذا نص كلام هذا الفاسق الملحد حرفاً حرفاً وهذا كفر محض وحماقة لا خفاء بها أما الكفر فإبطاله أن وجود الأشياء في الأوقات التي وجدت فيها إنما وجدت لأجل قول الله تعالى لها كن وإيجابه أن الأشياء لم توجد في أحيان وجودها لقول الله تعالى لها كن وهذا تكذيب لله تعالى وصرف وخروج عن إجماع أهل الإسلام وكل من يصلي إلى القبلة قبلهم ومن الكفر الصريح أيضاً في هذا الكلام الملعون قوله أن صفة الاقتضاء في ذلك لا تختلف بين القديم والمحدث فسوى بين الله تعالى وخلقه وأما الحماقة فقوله لو وجدت الأشياء من أجل قول الله تعالى لها كن لوجب أن يوجد لأجل قول غيره لها كن فيا للمسلمين هل سمع في الحمق والرعونة وقلة الحياء أكثر من قول من سوى بين قول الله عز وجل كن للشيء إذا أراد تكوينه وبين قول غيره من الناس كن وهذا أخبث من قول الدهرية ونعوذ بالله من الضلال فلولا الخذلان ما انطلق بهذا النوك لسان من لا يقذف بالحجارة في الشوار وما شبهت بهذا الكلام إلا كلام النذل أبي هاشم الجبائي لو لم يجز لنا أن نسمي الله تعالى باسم حتى يأذن لنا في ذلك لوجب أن لا قال أبو محمد: وهذه أقوال لو قال ها صبيان يسيل مخاطهم لأيس من فلاحهم وتالله لقد لعب الشيطان بهم كما شاء فإنا لله وإنا إليه راجعون و قال ت الأشعرية كلها إن الله لا يقدر على ظلم أحد البتة ولا يقدر على الكذب ولا على قول أن المسيح ابن الله حتى يقول قبل ذلك و قال ت النصارى وأنه لا يقدر على أن يقول عزير ابن الله حتى يقول قبل ذلك و قال ت اليهود وأنه لا يقدر على أن يتخذ ولداً وأنه لا يقدر البتة على إظهار معجزة على يدي كذاب يدعي النبوة فإن ادعى الإلهية كان الله تعالى قادراً على إظهار المعجزات على يديه وأنه تعالى لا يقدر على شيء من المحال ولا على إحالة الأمور عن حقائقها ولا على قلب الأجناس عن ماهيتها وأنه تعالى لا يقدر البتة على أن يقسم الجزء الذي لا يتجزأ ولا على أن يدعو أحداً إلى غير التوحيد هذا نص كلامهم وحقيقة معتقدهم فجعلوه تعالى عاجزاً متناهي القوة محدود القدرة يقدر مرة ولا يقدر أخرى ويقدر على شيء ولا يقدر على آخر وهذه صفة النقص وهم مع هذا يقولون أن الساحر يقدر على قلب الأعيان وعلى أن يمسخ إنساناً فيجعله حماراً على الحقيقة وعلى المشي في الهواء وعلى الماء فكان الساحر عندهم أقوى من الله تعالى. قال أبو محمد: وخشوا مبادرة أهل الإسلام لهم بالاصطلام فخنسوا عن أن يصرحروا بأن الله تعالى لا يقدر ف قال وا لا يوصف الله بالقدرة على شيء مما ذكرنا. قال أبو محمد: ولا راحة لهم في هذا لأننا نقول لهم ولم لا نصفه بالقدرة على ذلك ألأنه يقدر على شيء من ذلك ولا له قدرة على كل ذلك أم لأنه لا يقدر على كل ذلك ولا له قدرة على شيء من ذلك ولا بد من أحدهما بضرورة العقل وهنا ضلت جبلتهم الضعيفة ولا بد لهم من القطع بأنه لا يقدر وبأنه لا قدرة له على ذلك وإذ قد صرحوا بهذا بالضرورة فأول العقل ومسموع اللغة كلاهما يوجبان أن من لا يقدر على شيء فهو عاجز عنه وأن من لا قدرة له على شيء فصفة العجز والضعف لاحقة به فلا بد لهم ضرورة من إطلاق اسم العجز على الله تعالى ووصفه بأنه عاجز وهذا حقيقة مذهبهم يقيناً إلا أنهم يخافون البوار إن أظهروه و قال هذا الباقلاني لا فرق بين النبي والساحر الكذاب المتنبي فيما يأتينا فيه إلا التحدي فقط وقول النبي لمن بحضرته هات من يعمل كعملي وهذا إبطال للنبوة مجرد و قال الباقلاني وابن فورك وأشياعهما من أهل الضلالة والجهالة ليس لله تعالى أسماء البتة وإنما له تعالى اسم واحد فقط ليس له اسم غيره وأن قول الله تعالى " قال أبو محمد: فكذبوا القرآن في قول الله عز وجل " قال أبو محمد: إنما حملهم على هذا الكفر الفاحش قول لهم آخر في نهاية الضلال والإنسلاخ من الإسلام وهي قولهم أن الأرواح أعراض تفنى ولا تبقى وقتين وأن روح كل واحد منا الآن هو غير روحه الذي كان له قبل ذلك بطرفة عين وأن كل واحد منا يبدل أزيد من ألف ألف روح في كل ساعة زمانية وأن النفس إنما هو هذا الهواء الخارج بالتنفس حاراً بعد دخوله بارداً وأن الإنسان إذا مات فني روحه وبطل وأنه ليس لمحمد ولا لأحد من الأنبياء عند الله تعالى روح ثابتة تنعم ولا نفس قائمة تكرم وهذا خروج عن إجماع الإسلام فما قال بهذا أحد ممن ينتمي إلى الإسلام قبل أبي الهذيل العلاف ثم تلاه هؤلاء وهذا خلاف مجرد للقرآن وتكذيب لله عز وجل إذ يقول " قال أبو محمد: ثم خجلوا من هذه العظيمة وتبرأ منهم إبليس الذي ورطهم فيها فشلوا ف قال وا في كتبهم فإن لم يكن هذا فإن الروح تنتقل عند خروجها من الجسم إلى جسم آخر هكذا نص الباقلاني في أحد كتبه وأظنه الرسالة المعروفة بالحرة وهذا مذهب التناسخ بلا كلفة و قال السمناني في كتابه أن الباقلاني وأصحابه قال وا أن كل ما جاء في الخبر من نقل أرواح الشهداء إلى حواصل طير خضر وأن روح الميت ترد إليه في قبره وما جرى مجرى ذلك من وصف الروح بالقرب والبعد والحركة والانت قال والسكون والعذاب فكل ذلك محمول على أقل جزء من أجزاء الميت والشهيد أو الكافر وإعادة الحياة في ذلك الجوء. قال أبو محمد: وهذا طريق من الهوس جداً وتطايب بالدين ولقد أخبرني ثقة من أصحابي أنه سمع بعض مقدميهم يقول أن الروح إنما تبقى في عجب الذنب لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ابن آدم يأكله التراب الأعجب الذنب منه خلق وفيه يركب. قال أبو محمد: وهذا التأويل أقرب إلى الهزل منه إلى أقوال أهل الإسلام ونعوذ بالله من الخذلان فإنما هذه ستائر دون مذهبهم الخبيث الذي ذكرنا آنفاً و قال وا كلهم أن النظر في دلائل الإسلام فرض وأنه لا يكون مسلماً حتى ينظر فيها وأن من شرط الناظر فيها أن يكون ولا بد شاكا في الله عز وجل وفي صحة النبوة ولا يصح النظر في دلائل النبوة ودلائل التوحيد لمن يعتقد صحتها. قال أبو محمد: والله ما سمع سامع قط بادخل في الكفر من قول من أوجب الشك في الله تعالى وفي صحة النبوة فرضاً على كل متعلم لا نجاة له إلا به ولا دين لأحد دونه وأن اعتقاد صحة التوحيد لله تعالى وصحة النبوة باطل لا يحل فحصل من كلامهم أن من لم يشك في الله تعالى ولا في صحة النبوة فهو كافر ومن شك فيهما فهو محسن مؤد ما وجب عليه وهذه فضيحة وحماقة اللهم إنا نبرأ إليك من هذا القول ومن كل قائل به ثم لم يحدوا في أمد الاستدلال حداً فليت شعري على هذا القول الملعون هو ومعتقده والداعي إليه كيف يكون حال من قبل وصيتهم هذه التي هي وصية الشيطان الرجيم فتبين بالشك في الله تعالى وفي النبوة وامتد به أمد الاستدلال أياماً وأشهراً وساعات مات فيها أين مستقره ومصيره إلى النار والله خالداً مخلداً أبداً وبيقين ندري أن قائل هذه الأقوال مطالب للإسلام كائد له مرصد لأهله داعية إلى الكفر ونعوذ بالله من الضلال و قال وا كلهم أن إطعام رسول الله صلى الله عليه وسلم المئين والعشرات من صاع شعير مرة بعد مرة وسقيه الألف والألوف من ماء يسير ينبع من بين أصابعه وحنين الجذع ومجيء الشجرة وتكلم الذراع وشكوى البعير ومجيء الذئب ليس شيء من ذلك دلالة على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في نبوته لأنه عليه السلام لم يتحد الناس بذلك ولا يكون عندهم آية إلا ما تحدى به الكفار فقط وهذا تكذيب منهم للنبي صلى الله عليه وسلم في قوله إذ فعل ذلك أشهد أني رسول الله وهذا أيضاً قول افتروه خالفوا فيه جميع أهل الإسلام و قال وا كلهم ليس لشيء من الأشياء نصف ولا ثلث ولا ربع ولا سدس ولا ثمن ولا عشر ولا بعض وأنه لا يجوز أن ي قال الفرد عشر العشرة ولا أنه بعض الخمسة وحجتهم في ذلك أنه لو جاز أن ي قال ذلك لكان عشراً لنفسه وبعض نفسه. قال أبو محمد: وهذا جهل شديد لأنه إنما هو بعض من جملة يكون سائرها غيره وعشر جملة يكون سائرها غيره ونسوا أنفسهم ف قال وا بالجزء الذي لا يتجزأ ونسوا إلزام أنفسهم أن يكون جزءاً لنفسه وهذا تكذيب لله عز وجل إذ يقول في القرآن فلها النصف فلامه الثلث فلامه السدس ولكم الربع ولهن الثمن بعضهم أولياء بعض وهذا عن النبي صلى الله عليه وسلم كثير مع مخالفتهم في ذلك جميع أهل الأرض مؤمنهم وكافرهم ومخالفة كل لغة والمعقول والطبائع و قال وا كلهم من قال أن النار تحرق أو تلفح أو أن الأرض تهتز أو تنبت شيئاً أو أن الخمر يسكر أو أن الخبز يشبع أو أن الماء يروي أو أن الله تعالى ينبت الزرع والشجر بالماء فقد ألحد وافترى و قال الباقلاني من آخر السفر الرابع من كتابه المعروف بالانتصار في القرآن نحن ننكر فعل النار للتسخين والإحراق وننكر فعل الثلج للتبريد وفعل الطعام والشراب للشبع والري والخمر للإسكار كل هذا عندنا باطل محال ننكره أشد الإنكار وكذلك فعل الحجر لجذب شيء أو رده أو حبسه أو إطلاقه من حديد أو غيره هذا نص كلامه. قال أبو محمد: وهذا تكذيب منهم لله عز وجل إذ يقول " قال أبو محمد: وسمعت بعض مقدميهم يقول أن من كان على معاصي خمسة من زنا وسرقة وترك صلاة وتضييع زكاة وغير ذلك ثم تاب عن بعضها دون بعض فإن توبته تلك لا تقبل وقد نص السمناني على أن هذا قول الباقلاني وهو قول أبي هاشم الجبائي ثم قال السمناني هذا قول خارق للإجماع جملة وخلاف لدين الأمة هذا نص قول السمناني في شيخه وشهدوا على أنفسهم وأقبل بعضهم على بعض يتلاومون. قال أبو محمد: هذا القول مخالف للقرآن والسنن لأن الله تعالى يقول " قال أبو محمد: وأنا سمعت بعض مقدميهم ينكر أن يكون في الذنوب صغائر وناظرته بقول الله تعالى " قال أبو محمد: ما قال هذا مسلم قط قبل هشام الفوطي وهذه مكابرة للعيان وتكذيب لله عز وجل كأنهم ما سمعوا قط قول الله تعالى " قال أبو محمد: هذا تكذيب للقرآن على ما بينا قبل ومكابرة للعيان لأنا لا نحصي كم دخل في الإسلام منهم وصلح إيمانه وصار عدلاً وكلهم لا يختلف في أنه كان قبل إسلامه مقراً بالله عز وجل عالماً به كما هو بعد إسلامه لم يزد في توحيده شيء فكابروا العيان وكذبوا القرآن بحمق وقلة حياء لا نظير له و قال الباقلاني في كتابه المعروف بالانتصار في القرآن معنى قول الله تعالى " قال أبو محمد: وهذا تكذيب لله تعالى مجرد ثم أيضاً أخبر بأن الكفار فعلوا من الكفر أمراً رضيه الله تعالى منهم وأحبه منهم فكيف يدخل هذا في عقل مسلم مع قوله تعالى " قال أبو محمد: هنا صرح بالشك في قدرة الله تعالى الها نهاية كما يقول أبو الهذيل أخوه في الضلالة والكفر أم لا نهاية لها كما يقول أهل الإسلام ونعوذ بالله من الضلال. قال أبو محمد: ولقد أخبرني بعض من كان يداخلهم وكان له فيهم سبب قوي وكان من أهل الفهم والذكاء وكان يزري في باطن أمره عليهم أنهم يقولون أن الله تعالى مذ خلق الأرض فإنه خلق جسماً عظيماً يمسكها عن أن تهوى هابطة فلما خلق ذلك الجسم أفناه في الوقت بلا زمان وخلق آخر مثله يمسكها أيضاً فلما خلقه أفناه إثر خلقه بلا زمان أيضاً وخلق آخر وهكذا أبداً أبداً بلا نهاية قال لي وحجتهم في هذا الوسواس والكذب على الله تعالى فيه مما لم يقله أحد قبلهم مما يكذبه الحس والمشاهدة أنه لابد للأرض من جسم ممسك والاهوت فلو كان ذلك الممسك يبقى وقتين أو مقدار طرفة عين لسقط هو أيضاً معها فهو إذا خلق ثم أفنى إثر خلقه ولم يقع لأن الجسم عندهم في ابتداء خلقه لا ساكن ولا متحرك. قال أبو محمد: وهذا احتجاج للحمق بالحمق وما عقل أحد قط جسماً لا ساكناً ولا متحركاً بل الجسم في ابتداء خلق الله تعالى له في مكان محيط به في جهاته ولا شك ساكن في مكانه ثم تحرك وكأنهم لم يسمعوا لقول الله تعالى " قال أبو محمد: فقد كذب هذا الجاهل وأفك أتراه ما سمع قول الله تعالى " قال أبو محمد: أينتظر كفر بعد هذا الكفر في تصريحه أن العباد والعرب لا يجوز أن يعجزوا عن مثل القرآن ولا عن قلب العصا حية ولا يغتر ضعيف بقوله إنهم غير قادرين على ذلك فإنما هو على قوله المعروف من أن الله لا يقدر على غير ما فعل وظهر منه فقط ومن عظيم المحال قوله في هذا الفصل أنه لا يجوز أن يعجز العاجز إلا عما يقدر عليه مع أن هذا الكلام منه موجب أنهم إن عجزوا عن مثل القرآن قدروا عليه وما يمترى في أنه كان كائداً للإسلام ملحداً لا شك فيه فهذه الأقوال لا ينطلق بها لسان مسلم ومن أعظم البراهين على كفر الباقلاني وكيده للدين قوله في فصل آخر من الباب المذكور في الكتاب المذكور أنه لا يجب على من سمع القرآن من محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صلى الله عليه وسلم أن يبادر إلى القطع على أنه له آية أو أنه على يده ظهر ومن قبله نجم حتى يسأل أهل النواحي والأطراف ونقلة الأخبار ويتعرف حال المتكلمين بذلك اللسان في الآفاق فإذا علم بعد التثبت والنظر أنه لم يسبقه إلى ذلك أحد لزمه حينئذ اعتقاد نبوته. قال أبو محمد: وهذا إنسان خاف معاجلة الأمة له بالرجم كما يرجم الكلب إن صرح بأن نوبة محمد صلى الله عليه وسلم باطل فصرح لهم بما يؤدي إلى ذلك من قرب إذا وجب بأن لا يقر أحد بنبوة محمد بن عبد الله بن عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بأنه أتى بالقرآن ولا بأنه آية من آياته على صحة نبوته إلا حتى يسأل أهل النواحي والأطراف وينتظر الأخبار ويتعرف حال المتكلم بالعربية في الآفاق. قال أبو محمد: فأحال والله على عمل لا نهاية له ولو عمر الإنسان عمر نوح عليه الصلاة والسلام لأن سؤال أهل النواحي والأطراف لا ينقضي في ألف عام وانتظار الأخبار ليس له حد وليت شعري متى تصل المخدرة وطالب المعاش إلى طرف من هذا المحال لأن أهل النواحي هم من بين صدر الصين إلى آخر الأندلس إلى بلاد الزنج إلى بلد الص قال بة فما بين ذلك فلاح كفر هذا الجاهل الملحد وكيده للإسلام لكل من له أدنى حس مع ضعف كيده في ذلك قال الله تعالى " إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا " ويكفي من كل هزراتي به في هذا الفصل الملعون قائله أن من له علم قوي بالعربية والأخبار فيكفيه تيقن عجز العرب عن معارضته فمن بعدهم إلى اليوم وأنه من عنده ضرورة لأنه لم ينزل القرآن جملة فيمكن فيه الدعوى من أحد وإنما نزل مقطعاً في كل قصة تنزل فينزل فيها قرآن وهذه ضرورة موجبة أنه عند عليه الصلاة والسلام ظهر بوحي الله تعالى إليه وبما فيه من الغيوب التي قد ظهر إنذاره بها وأما من لا علم له باللغة والأخبار فيكفيه أخبار من يقع له العلم بخبره بأن العرب عجزت عن مثله وأنه أتى به مفصلاً عند حلول القصص التي أنزل الله تعالى فيها الآية والآيتين والكلمة والكلمتين من القرآن والتوراة حتى تم كما هو فهذا الحق وذلك الإلحاد المحض والكلام الغث السخيف ومن كفراتهم الصلع قول السمناني إذ نص على أن الباقلاني كان يقول أن جميع المعاصي كلها ألا نحاشى شيئاً منها مما يجب أن يستغفر الله منه جايز وقوعها من النبي صلى الله عليه وسلم حاشا الكذب في البلاغ فقط و قال الباقلاني وإذا نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء ثم فعله فليس ذلك دليلاً على أنه منسوخ إذ قد يفعله عاصياً لله عز وجل قال الباقلاني وليس على أصحابه فرضاً أن ينكروا ذلك عليه و قال السمناني في كتاب الإمامة لو لا دلالة العقل على وجوب كون النبي صلى الله عليه وسلم معصوماً في البلاغ عن الله عز وجل لما وجب كونه معصوماً في البلاغ كما لا يجب فيما سواه من أفعاله وأقواله و قال أيضاً في مكان آخر منه وكذلك يجوز أن يكفر النبي صلى الله عليه وسلم بعد أداء الرسال. قال أبو محمد: بالله الذي لا إله إلا هو إن كان قال هذا القول ناصراً له وداعياً إليه مسلم قط وما كان قائله إلا كافراً ملحداً فاعلموا أيها الناس أنه قد جوز على النبي صلى الله عليه وسلم الكفر والزنا واللياطة والبغاء والسرقة وجميع المعاصي وأي كيد للإسلام يالناس أعظم من هذا وأما صاحبه ابن فورك فإنه منع من هذا وأنكره وأجاز على النبي صلى الله عليه وسلم صغار المعاصي كقتل النساء وتعريضهن وتفخيذ الصبيان ونحو ذلك وأما شيخهما ابن مجاهد البصري ليس بالمقري فإنه منع من كل ذلك وحاشا الله أن يجوز النبي صلى الله عليه وسلم ذنب بعمد لا صغير ولا كبير لقول الله تعالى " قال أبو محمد: وهذا والله الكفر الذي لا خفاء به إذ جوز أن يكون أحد ممن في عصر النبي صلى الله عليه وسلم فما بعده أفضل من رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أنكرنا على أحمد بن خابط الدون هذا إذ قال أن أب ذر كان أزهد من النبي صلى الله عليه وسلم هذا مع قول هذا المستخف الباقلاني الذي ذكره عنه السمناني في كتابه الكبير في كتاب الإمامة منه أن من شرط الإمامة أن يكون الإمام أفضل أهل زمانه. قال أبو محمد: يا للعيارة بالدين يجوز عنه هذا الكافر أن يكون في الناس غير الرسل أفضل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يجوز عنده أن يلي الإمامة أحد يوجد في الناس أفضل منه ثم حمقه أيضاً في هذا حمق عتيق لأنه تكليف ما لا يطاق ولا سبيل إلى القطع بفضل أحد على أحد إلا بنص من الله عز وجل وكيف يحاط بالأفضل من قريش وهم مبثوثون من أقصى السند وكابل ومكران إلى الأشوته إلى سواحل البحر المحيط ومن سواحل بحر اليمن إلى ئغور أرمينية وأذربيجان فما بين ذلك اللهم العن من لا يستحق ومن العجب أن هذا النذل الباقلاني قطع بخلاف الإجماع على أبي حنيفة بإجازته القراة الفارسية وصرح بأن ترتيب الآيات في القرآن إجماع وقد أجاز مالك لمن قرأ عند غروب الشمس وطلوعها فجاءته آية سجدة أن يصل التي قبلها بالتي بعدها فمالك عنده مخالف للإجماع وقطع بأن الشافعي مخالف للإجماع في قوله " قال أبو محمد: هذا تكليف ما لا يطاق إذ أوجب على كل أحد من العامة أن يسأل أبداً عن كل ما ينوبه في صلاته وصيامه وزكاته ونكاحه وبيوعه ويكرر السؤال عن كل ذلك كل يوم بل كل ساعة فهل في الحماقة أكثر من هذا ونعوذ بالله من الخذلان.
قال أبو محمد: ادعت طائفة من الصوفية أن في أولياء الله تعالى من هو أفضل من جميع الأنبياء والرسل و قال وا من بلغ الغاية القصوى من الولاية سقطت عنه الشرائع كلها من الصلاة والصيام والزكاة وغير ذلك وحلت له المحرمات كلها من الزنا والخمر وغير ذلك واستباحوا بهذا نساء غيرهم و قال وا أننا نرى الله ونكلمه وكلما قذف في نفوسنا فهو حق ورأيت لرجل منهم يعرف بابن شمعون كلماً نصه أن الله تعالى ماية اسم وأن الموفي ماية هو ستة وثلاثون حرفاً ليس منها في حروف الهجاء شيء إلا واحد فقط وبذلك الواحد يصل أهل المقامات إلى الحق و قال أيضاً أخبرني بعض من رسم لمجالسة الحق أنه مد رجله يوماً فنودي ما هكذا مجالس الملوك فلم يمد رجله بعدها يعني أنه كان مديماً لمجالسة الله تعالى و قال أبو حاضر النصيبي من أهل نصيبين وأبو الصياح السمرقندي وأصحابهما أن الخلق لم يزالوا مع الله تعالى و قال أبو الصياح لا تحل ذبائح أهل الكتاب وخطأ فعل أبي بكر الصديق رضي الله عنه في قتال أهل الردة وصوب قول الصحابة الذين رجعوا عنه في حربهم و قال أبو شعيب القلال أنه ربه جسم في صورة إنسان لحم ودم ويفرح ويحزن ويمرض ويفيق و قال بعض الصوفية أن ربه يمشي في الأزقة حتى أنه يمشي في صورة مجنون يتبعه الصبيان بالحجارة حتى تدموا عقبيه فاعلموا رحمكم الله أن هذه كلها كفرات صلع وأقوال قوم يكيدون الإسلام وصدق القائل: شهدت بأن ابن المعلم هازل بأصحابه والباقلاني أهزل وما الجعل الملعون في ذاك دونه وكلهم في الأفك والكفر منزل وساع مع السلطان يسعى عليهم ومحترس من مثله وهو حارس واعلموا رحمكم الله أن جميع فرق الضلالة لم يجر الله على أيديهم خيراً ولا فتح بهم من بلاد الكفر قرية ولا رفع للإسلام راية وما زالوا يسعون في قلب نظام المسلمين ويفرقون كلمة المؤمنين ويسلون السيف على أهل الدين ويسعون في الأرض مفسدين أما الخوارج والشيعة فأمرهم في هذا أشهر من أن يتكلف ذكره ما توصلت الباطنية إلى كيد الإسلام وإخراج الضعفاء منه إلى الكفر الأعلى السنة الشيعة وأما المرجئية فكذلك إلا أن الحارث بن سريح خرج بزعمه منكراً للجور ثم لحق بالترك فقادهم إلى أرض الإسلام فأنهب الديار وهتك الأستار والمعتزلة في سبيل ذلك إلا أنه ابتلى بتقليد بعضهم المعتصم والواثق جهلاً وظناً أنهم على شيء وكانت للمعتصم فتوحات محمودة كبابل والمازيار وغيرهم فالله الله أيها المسلمون تحفظوا بدينكم ونحن نجمع لكم بعون الله الكلام في ذلك الزموا القرآن وسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وما مضى عليه الصحابة رضي الله عنهم والتابعون وأصحاب الحديث عصراً عصراً الذين طلبوا الأثر فلزموا الإثر ودعوا كل محدثة فكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلاضة وكل ضلالة في النار وبالله تعالى التوفيق تم الكلام في شنع المبتدعة أهل الأهواء والنحل المضلة والحمد لله رب العالمين.
|